حديث مُشكَل
ـ[عبير نور اليقين]ــــــــ[13 - 12 - 2006, 04:43 م]ـ
سلام الله تعالى عليكم ..
استوقفني حديث في مسلم، عَنَ لي عرضه لبيان معناه، وهو حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه في وصف حاله لما شمت رجلا في الصلاة .. وكيف كان أدب النبي صلى الله عليه وسلم معه، فقال:" .. فلما رأيتهم يُصمتونني، لكني سكت " ما فائدة هذا الاستدراك وما حكم الشرط؟ رجاء:
إذا لم تستطع شيئا، فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع!
ـ[ضاد]ــــــــ[13 - 12 - 2006, 05:15 م]ـ
لا أرى له فائدة غير أن المتكلم ربما يغير سياق حديثه أثناء الكلام فيأتي بتعبير في وجهه يفيد ذلك ولا تنقله الكلمات المكتوبة أحيانا. فلو بدأ أحد ما كلامه ثم أشار بوجهه إلى معنى يفهم من غير قول ثم أكمل القول لتحصلنا فيما نكتب عنه على جمل متباينة. وكان الصحابة ينقلون عن الرسول صلى الله عليه وسلم حركات يده ووجهه وكل أعضائه بالتفصيل وربما لا يفعلون الشيء نفسه في النقل عن أنفسهم أو أحد منهم غير الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولعل الإخوة يفيدونك أكثر مني.
ـ[أبوعبيدالله المصرى]ــــــــ[14 - 12 - 2006, 03:57 ص]ـ
قال الإمام الشوكانيُّ في نيل الأوطار
قَوْلُهُ: (لَكِنِّي سَكَتُّ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: يُرِيدُ لَمْ أَتَكَلَّمْ لَكِنِّي سَكَتُّ وَوُرُودُ لَكِنَّ هُنَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ لِمَا بَعْدَهَا نَحْوُ مَا هَذَا سَاكِنًا لَكِنَّهُ مُتَحَرِّكٌ، أَوْ ضِدٌّ لَهُ نَحْوُ مَا هُوَ أَبْيَضُ لَكِنَّهُ أَسْوَدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هُنَا فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يُسَكِّتُونِي لَمْ أُكَلِّمْهُمْ لَكِنِّي سَكَتُّ فَيَكُونُ الِاسْتِدْرَاكُ لِرَفْعِ مَا تُوُهِّمَ ثُبُوتُهُ مِثْلُ مَا زَيْدٌ شُجَاعًا لَكِنَّهُ كَرِيمٌ، لِأَنَّ الشَّجَاعَةَ وَالْكَرَمَ لَا يَكَادَانِ يَفْتَرِقَانِ فَالِاسْتِدْرَاكُ مِنْ تَوَهُّمِ نَفْيِ كَرَمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَكِنَّ هُنَا لِلتَّوْكِيدِ نَحْوُ: لَوْ جَاءَنِي أَكْرَمْتُهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَجِئْ فَأَكَّدَتْ لَكِنَّ مَا أَفَادَتْهُ لَوْ مِنْ الِامْتِنَاع وَكَذَا فِي الْحَدِيثِ أَكَّدَتْ لَكِنَّ مَا أَفَادَهُ ضَرْبُهُمْ مِنْ تَرْكِ الْكَلَامِ.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[14 - 12 - 2006, 05:17 ص]ـ
سلام الله تعالى عليكم ..
استوقفني حديث في مسلم، عَنَ لي عرضه لبيان معناه، وهو حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه في وصف حاله لما شمت رجلا في الصلاة .. وكيف كان أدب النبي صلى الله عليه وسلم معه، فقال:" .. فلما رأيتهم يُصمتونني، لكني سكت " ما فائدة هذا الاستدراك وما حكم الشرط؟ رجاء:
إذا لم تستطع شيئا، فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع!
مرحبا أختي الكريمة عبير
هنا إيجاز بالحذف، وقد أفاد الاستدراك في قوله " ... فلما رأيتهم يُصمتونني، لكني سكت ... " أمرين:
1ـ الإيحاء بما تردد في نفسه في تلك اللحظات قبل أن يسكت. إذ لو جعل الفعل (سكت) جوابا للشرط فقال: " ... فلما رأيتهم يُصمتونني سكتّ ... " لما عرفنا أنه كاد أن يقول كلاما غير ما قال لكنه عدل عنه.
2ـ ورود الفعل (سكتّ) في جملة الاستدراك يشير إلى أن جواب الشرط المحذوف إنما هو من جنس الكلام لا الفعل، فلو أنه حذف جواب الشرط دون هذا الاستدراك لالتبس علينا الأمر كأن نتوهم أنه قطع صلاته أو نحو ذلك، ولكنه بهذا الاستدراك أزال هذا اللبس ورفع التوهم.
هذا ما أراه من فائدة الاستدراك، ولكن يبقى جواب الشرط المحذوف .. ما تقديره؟ وما الغرض البلاغي من الحذف؟
أما التقدير فيمكن الاهتداء إليه إذا تخيلنا الموقف في تلك اللحظات وتتبعنا توالي أجزائه كما وردت في نص الحديث:
عطس العاطس فشمته معاوية رضي الله عنه.
رمى القوم معاوية بأبصارهم.
خاطبهم معاوية قائلا: "واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي؟ "
لم يجيبوه عن سؤاله وإنما:
" فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم" (يبدو أن ذلك قبل أن يشرع التنبيه بالتسبيح)
إذاً .. فعل معاوية فعلا، فاستنكره الصحابه، وعندما استوضح منهم لم يجيبوه .. فمن الذي يمكن أن يجيبه عن سؤاله في تلك اللحظة؟ ليس غير النبي صلى الله عليه وسلم!
وعليه أظن ـ والله أعلم ـ أن جواب الشرط المحذوف هو (هممت بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا التقدير أرى أنه يتفق مع سياق الحديث فكأنه قال: " ... فقلت واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني (هممت بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم) لكني سكت فلما صلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فبأبي وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه فو اللَّه ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ... "
وأما الغرض البلاغي من حذف جواب الشرط: "فلما رأيتهم يصمتونني ... لكني سكت" فيعود إلى أن معاوية رضي الله عنه حينما حكى الحدث كان متمثلا ذلك الموقف، وبما أنه عدل هناك عن قراره سؤال النبي أثناء الصلاة ـ إن صح التقديرـ فإننا نجده هنا يحذف من الكلام الجزء المختص بذلك القرار، ليوحي لسامع القصة بأن حذف جواب الشرط من الكلام هنا يقابله حذف قرار هناك لحظة الحدث.
هذا والله أعلم بالصواب.
أما حكم الشرط في البيت: إذا لم تستطع شيئا، فدعه * وجاوزه إلى ما تستطيع!
فلم يتبين لي مرادك .. إن كنت تقصدين اقتران الجواب بالفاء فهو واجب لكون فعل الجواب طلبيا (دعْه) .. وإن كنت تريدين شيئا آخر له علاقة بالشرط فلعلك توضحينه.
تحياتي.
¥