ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 07 - 2010, 03:24 م]ـ
أولا: قلتَ (هذا الخليج اسمه في كتب البلدانيين العرب كلهم بحر فارس) هذه دعوى عريضة تفتقر إلى إثبات، وبأدنى نظر نجد أن بعض البلدانيين قد سماه بحر البصرة، وسماه بعضهم بحر عمان، وسماه بعضهم خليج البحرين.
ثانيا: قلتَ (والخليج العربي من تسمية القوميين العرب) إن كان القوميون العرب قد سماه الخليج العربي، فهذه التسمية أحب إلينا من تسمية شعوبي فارس الحاقدين على كل ما ريحته عربي، على أن هذه التسمية ليست تسمية القوميين العرب كما ادعيتَ، يقول الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله عضو أكاديمية المملكة المغربية: والخليج عريق في العروبة وقد استعمل الجغرافي اليوناني (سترابون Strabon المتوفى بين 21 و 25 ميلادية) كلمة (الخليج العربي) في وصفه للحملة التي قام بها الرومان على بلاد العرب، ودرج على ذلك المؤرخ الروماني بلين الصغير ( Pline le jeune ) المتوفى (عام 114 م) حيث سمي الخليج باسمه الصحيح وهو الخليج العربي.
ثالثا: قلتَ (فلماذا نغير اسما استعمله أسلافنا قرونا طويلة؟) هذه من أغلاطهم في النقل من غير تحرير وتوثيق تاريخي، فلإن كان بعض البلدانيين قد قلد من سبقه في هذه التسمية سذاجةً وحسنَ نية، وفي وقت النفوذ العربي، فلا يجوز لنا أن نقلدهم بعد أن تبين الحق، وانكشف الغطاء عن حقد دفين في أعماق الفرس، فهم لا تهمهم التسمية بقدر ما يهمهم إثبات أن اليابسة حول الخليج كلها فارسية تابعة لهم، فاربأ بنفسك أن تناصر الروافض الحاقدين ولو بكلمة تنقلها تقليدا من غير تحقيق.
وليكن في علمك يا دكتور أن اول من سمى الخليج، خليج فارس هم بعض مؤرخي اليونان يقول الأستاذ عبد العزيز بنعبد: ويرجع إطلاق المؤرخين اسم (الخليج الفارسي) إلى القائد اليوناني (نيركس) بعدما عاد من الهند مبعوثا من سيده (الاسكندر الأكبر) حيث لم تمر إلا من الساحل الشرقي فظن أن المنطقة كلها فارسية. وقد ندد الرائد الدنماركي كارستن نيور عام (1762 م / 1286 ه) بهذا الزعم الذي ردده جغرافيون صوروا جزءا من بلاد العرب كأنه خاضع - كما يقول نيبور - لحكم ملوك الفرس كما أبرز هذه الحقيقة الرحالة الإنجليزي (هورديك أوين) في القرن العشرين رغم تواطؤ الكثير من الجغرافيين المعاصرين على الغض من عروبة الخليج.
قال: وتتجلى عروبة المنطقة أيضا منذ أعرق العصور في الاسم الذي تحمله مقاطعة خوز ستان الإيرانية التي تسمى من قبل الفرس إلى السنوات الأخيرة "عربستان" أي بلاد العرب ولا تزال تقطنها إلى الآن قبائل عربية مختلفة كبني تميم، وعربستان هذه هي التي كانت تسمى "الأهواز " والأهواز كما جاء في معجم البلدان جمع هوز وأصله حوز لأنه ليس في كلام الفرس (حاء).
رابعا: من تكلم في غير ما يحسن أتى بالعجائب، فإن كنتَ سلفيا تتبع نهج أسلافك حتى في التسميات، فخذ بفتوى العلامة المحقق الشيخ بكر أبو زيد، أحد كبار العلماء الذين تحتج بهم في مسألة هناك ـ رحمه الله تعالى ـ يقول: الخليج الفارسي: ?
هذه التسمية الباطلة، تاريخا، وواقعا، من شعوبية فارس، فكيف يكون ((الخليج الفارس)) وكل ما يحيط به أرض عربية من لحمة جزيرة العرب، وسكانه عرب خلص؟ فلنقل: الخليج العربي. معجم المناهي اللفظية.
قد بان الصبح لذي عينين
أنا لم أر هذه المشاركة العجيبة إلا اليوم ..
رويدك يا هذه يا من تكتب هنا في مجال تخصصها، فلم تأت بالعجائب، أنا لن أرد عليك، ولكن أبين للقراء نصوص البلدانيين التي تبين أن هذا الخليج كان معروفا عندهم ببحر فارس، والذي أراه أن الفرس أخذوا هذه التسمية من البلدانيين العرب، فقد كان له اسم آخر باللغة الفارسية:
قال ياقوت في معجم البلدان:
بحر فارس هو شعبة من بحر الهند الأعظم واسمه بالفارسية كما ذكره حمزة (زراه كامسير) وحدُّه من التيز من نواحي مكران على سواحل بحر فارس إلى عبادان وهو فوه دجلة التي تصب فيه وأول سواحله من جهة البصرة.
وقال أيضا:
جزيرة كاوان ويقال جزيرة بني كاوان جزيرة عظيمة وهي جزيرة لافت وهي من بحر فارس بين عمان والبحرين افتتحها عثمان بن أبي العاصي الثقفي في أيام عمر بن الخطاب.
وقال الإدريسي في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق:
وأما بحر فارس فإنا قد ذكرنا أنه خليج مبدؤه من البحر الكبير الهندي وأنه يخالف سائر البحور والخلجان في بحره وموجه.
وقال القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد:
الجزيرة:بلاد تشتمل على ديار بكر ومضر وربيعة، وإنما سميت جزيرة لأنها بين دجلة والفرات، وهما يقبلان من بلاد الروم، وينحطان متسامتين حتى يصبا في بحر فارس.
وقال الزمخشري في كتابه: الجبال والأمكنة والمياه:
جزيرة العرب: أرضها و معدنها لأن البحرين بحر فارس و بحر الحبشة، و دجلة و الفرات، قد أحاطت بها. (بحر الحبشة يعني به البحر الأحمر)
وقال الحميري في الروض المعطار في خبر الأقطار:
الخشبات:بالعراق، من عبادان إلى الخشبات ستة أميال، وهذه الخشبات على متصل بحر فارس بمصب دجلة ...
وقال الإصطخري في المسالك والممالك:
ديار العرب:وابتدأت بديار العرب لأن القبلة بها ومكة فيها وهي أم القرى، وبلد العرب وأوطانهم التي لم يشركهم في سكناها غيرهم، والذي يحيط بها بحر فارس من عبادان، وهو مصب ماء دجلة في البحر، فيمتد على البحرين حتى ينتهي إلى عمان ...
وقال ابن المجاور في تاريخ المستبصر:
صفة البحرين: و هي جزيرة في صدر بحر فارس كما إنّ القلزم في صدر بحر الحبشة ...
وقال ابن بطوطة في رحلته:
والبصرة على ساحل الفرات والدجلة، وبها المد والجزر، كمثل ما هو بوادي سلا، من بلاد المغرب، وسواه، والخليج المالح الخارج من بحر فارس على عشرة أميال منها.
ما ذكرته أمثلة، ولا يعد استقصاء لتسمية بحر فارس في كتب البلدانيين ..
(هذا الصبح الذي أراه، ولكل ذي عينين صبح)
¥