تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فترهيب المسلمين والتضييق عليهم جزء رئيس من هذا المشروع الفكري، فضلا عما قامت به وسائل الإعلام الغربية من إثارة للرأي العام على الإسلام بوصفه الخطر الأكبر، لا سيما بعد سقوط الشيوعية، والرأي العام لرجل الشارع العادي هو المقياس الحقيقي لأي توجه فكري، فالمواطن العادي لا يجيد لغة النفاق السياسي التي يحترفها صناع القرار، وهذا مكمن الوباء المستشري الآن في أوروبا، فلم يعد الأمر مقصورا على النخب السياسية التي ترى الإسلام خصما لمشروعها الاستبدادي للهيمنة على العالم، بل قد تعداه إلى الإنسان العادي، واستطلاعات الرأي العام في كثير من الدول الأوروبية تضع الإسلام دائما في قفص الاتهام!، فالمطلوب الآن تغيير مفاهيم الإسلام لا استئلاف المسلمين، وبإزاء هذا الترهيب، ترغيب من قبيل الزيارة الدبلوماسية لرئيس الوزاء الفرنسي، ومن قبلها حضور الرئيس الفرنسي حفل إفطار رمضاني للجالية الإسلامية في فرنسا، مع أنه رأس حربة الهجمة على الإسلام في فرنسا مذ كان وزيرا للداخلية، ولكنها السياسة فترهيب تارة، ثم ترغيب، لشق الصف المسلم باستمالة بعضه، فيتولد تقسيم ثنائي من جنس تقسيم بوش: معسكر معتدل لا يرى تعارضا بين الإسلام وقيم الحضارة الغربية، فلا تعارض بين الإسلام والعلمانية، ومعسكر متطرف لمجرد أنه يريد التمسك بثوابت الديانة دون أن يفرضها على أحد، فموقفه الدفاعي الطبيعي يعد تطرفا، مع أن مواقف الهجوم الصارخ على ثوابت الديانة الإسلامية من الأقليات غير المسلمة في بلادنا، وحال نصارى مصر في السنوات الأخيرة خير شاهد على ذلك، ذلك الهجوم الصارخ لا يعد تطرفا أو إرهابا، بل هو رد فعل طبيعي لتحصين العقل النصراني من خطر الزحف الإسلامي بتشويهه والقدح في نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وافتراء الأكاذيب عليه، وحشد الأتباع ضده بألسنة حداد بلا حجة من نقل أو عقل، وإنما مجرد سباب، في رد فعل يدل على الإفلاس الفكري، فحشد الطاقات باصطناع عدو خارجي خير وسيلة لصرف الأنظار عن المشاكل الداخلية، فلا أحد يهتم بتصحيح أوضاعه وسد ثغراته التي لا تسد، وإنما الشغل الشاغل هو سب الإسلام، فتلك البضاعة الرائجة الآن، ففي سبه مسكن مؤقت لكل الأزمات الدينية والسياسية والاقتصادية ...... إلخ، فهو المسئول عن كل مصيبة تحدث في هذا الكون!. وهي نفس الطريقة التي استعملتها الكنيسة أيام تسلطها على العقل الأوروبي، فراحت تحارب كل فكر مستنير احتك بالعالم الإسلامي، ولو في ميدان العلوم التجريبية، التي لا علاقة لها بأمور الديانة، فلا تريد أي أثر إسلامي يهدد وجودها، فكان السبيل، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، مطاردة المفكرين والعلماء الأوروبيين الذين تأثروا بالحضارة الإسلامية الزاهرة آنذاك في الأندلس وصقلية وشمال إفريقية، فتهم الهرطقة والإلحاد سيف مسلط على كل عقل تسول له نفسه الخروج عن مقررات الكنيسة، ولو كانت مقررات بالية لا يشهد لها نقل أو عقل، بل الحس قد أثبت بطلانها، فالعلم التجريبي الحديث الذي أخذت أوروبا، بشهادة كل منصف، أصوله من الحضارة الإسلامية، كان سببا رئيسا في انهيار سلطان الكنيسة في أوروبا، ومع هذا الإرهاب، وهو محل الشاهد هنا، الإفلاس الفكري المعهود بالانشغال عن سد الثغرات وما أكثرها في بناء الكنيسة!، بسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ودين الإسلام، فهو المسئول، أيضا، عن كل ما كانت تعاني منه أوروبا من تخلف في القرون المظلمة!.

والخطر كما تقدم في تقسيم الأقلية الإسلامية إلى: معتدل لسان حاله: تعالوا نندمج في المجتمعات التي نعيش فيها ولو بالتفريط في ثوابت الديانة استرضاء لمن لا يرضى، فـ: (لَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، فذلك السبيل الوحيد إلى قبولهم لنا!، ومتطرف، بزعمهم، لسان حاله: دعونا نحتفظ بثوابتنا العقدية، كأي أقلية دينية أو عرقية في العالم، دون أن نفرضها على أحد، فلم نفرضها على أحد أيام عزنا وظهورنا، فقد حكمنا بلادا كالبلقان والهند، ولم نكره أحدا على طريقتنا، فكيف بنا الآن وقد انحسر مدنا وضعفت شوكتنا، ولم لا تنزلونا منزلة الأقليات الدينية والمذهبية في العالم الإسلامي التي تحتشد المنظمات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير