قال الطبري: «نقلب هؤلاء الفتية في رقدتهم مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر» (3) ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn3)، وقال ابن كثير: «يقلبون في العام مرتين»، ثم أردف قول ابن عباس رضي الله عنه قائلاً: قال ابن عباس: لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض (4) ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn4)، وأورد القرطبي قولاً لأبي هريرة رضي الله عنه جاء فيه: أن لهم في كل عام تقليبتان وقيل: في كل سنة مرة، وقال مجاهد: في كل سبع سنين مرة وقالت فرقة: إنما قلبوا في التسع الأواخر وأما في الثلاثمائة فلا، وظاهر كلام المفسرين أن التقلب كان من فعل الله ويجوز أن يكون من ملك بأمر الله فيضاف إلى الله تعالى (5) ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn5)، وجاء في روح المعاني للآلوسي: «أي ننقلهم من عالم إلى عالم، وقال ابن عطاء: نقلبهم في حالتي القبض والبسط والجمع والفرق، وقال آخر: نقلبهم بين الفناء والبقاء والكشف والاحتجاب والاستتار، وقيل في الآية إشارة إلى أنهم في التسليم كالميت في يد الغاسل» (6) ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn6).
الطب الحديث والتقليب:
لنرى ما ذا يقول أصحاب الاختصاص اليوم وبعد مرور أكثر من ألف وأربعمائة سنة على نزول الآية في شأن من نام أكثر من أربع وعشرين ساعة على جهة واحدة بدون تحريك بسبب من الأسباب كأن يكون قد تعرض لكسور كثيرة يصعب معها تحريكه لتفادي تراخي الجبائر وفساد الكسور مرة أخرى، أو فيمن تعرض لأضرار كثيرة نتيجة حادث أو حريق أو غيره.
يقول الدكتور عبد الحميد دياب: إن من الإصابات الشائعة والصعبة العلاج التي تعترض الأطباء الممارسين في المشافي هيمشكلة حدوث (الخشكرشات) أو ما تسمى بقرحة السرير Bed Sore عند المرضى الذين تضطرهمحالتهم للبقاء الطويل في السرير كما في كسور الحوض والعمود الفقري أو الشلل أو حالات السبات الطويل، والخشكريشات هذه عبارة عن قرحات وتموت في الجلد والأنسجة التي تحت الجلد بسبب نقص التروية الدموية عند بعض مناطق الجلد، نتيجة انضغاطها بين الأجزاء الصلبة من البدن ومكان الاضطجاع، وأكثر ما تحصل في المنطقة العجزية والإليتين وعند لوحي الكتفين وكعبي القدمين، ولا وقاية من حدوث هذه الخشكريشات سوى تقليب المريض، بحيث لا يبقى بدون تقليب أكثر من (12) ساعة، وقد تكون هذه هي الحكمة من تقليب الله عز وجل لأهل الكهف لوقايتهم من تلك الإصابة وإن كانت قصة أهل الكهف كلها تدخل في نطاق المعجزة (7) ( http://www.alfaseeh.com/vb/#_ftn7).
وجه الإعجاز
لم نعرف هذه الحقيقة العلمية عن تقليب المريض -الذي لا يستطيع تقليب نفسه- لم نعرفها إلا اليوم أو قل إن شئت في القرن العشرين أو قبله بقليل حتى لا نتهم بالمبالغة، وإذا كان ذلك كذلك فمن الذي أخبر محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قبل عشرة قرناً من اليوم بهذه الحقيقة التي عجز عنها أهل الطب والاختصاص؟
هذه الحقيقة العلمية التي جاءت في سياق الخبر عن قوم أحبوا الله وأحبهم فنالتهم العناية الإلهية العظيمة التي لم تتوقف عند إنقاذهم من أعدائهم فحسب، بل تعدته إلى تقليبهم أثناء نومهم لئلا يصيبهم ما يصيب النائم لفترة طويلة دون تقليب، ?وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ? ولم يذكر الجهات الأخرى لأن النوم على الظهر هو الأصل في النائم حيث مركز الثقل يكون فيه أكبر وأوسع، فهل كان محمد صلى الله عليه وسلم يعلم بهذه الحقيقة؟ وهو رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب ليتفوق على علماء العصر بهذه الحقيقة؟
لا شك أن الذي أخبره بتلك الحقيقة هو الله الذي خلق الإنسان، والذي يعلم ما يحتاجه هذا المخلوق، وأن الذي أنزلها وأنزل غيرها من الحقائق على محمد هو الله، وأن القرآن بعد ذلك حق من عند الله، وهو كلامه الذي أنزله على عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وليس كلام بشر افتراه أو علّمه بشر، ليكون لنا نوراً وبرهاناً ومنهاجاً إلى يوم القيامة، به نسترشد وعليه نعوّل، ومنه نستزيد بالإيمان والهدى والحق، وصدق الله القائل: ?وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ? [الحج:54].
المقال / للأستاذ المتخصص: قسطاس إبراهيم النعيمي جزاه الله خيرا.
ودمتِ ناشرة للخير دوما
الأخت الغالية الزهرة المبدعة
بارك الله فيك
وأجزل لك المثوبة
ننتظر المزيد
ـ[نبض المدينة]ــــــــ[24 - 09 - 2010, 07:20 ص]ـ
قوله تعالى: (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)
إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته الصلحاء والأولياء -حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه-فماظنك بالمؤمنين الموحدين , المخالطين المحبين للأولياء والصالحين؟ بل في هذا تسلية وأنس للمقصرين , المحبين للنبي صلى الله عليه وسلم وآله خير آل.
¥