تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القول الأول: أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فيلزمه الإتمام، وهذا مذهب الحنابلة، واستدلوا على ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وأقام فيها الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء، وخرج يوم الخميس إلى منى، فأقام بمكة أربعة أيام يقصر الصلاة [خ، م] فيؤخذ من هذا أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام فإنه يقصر لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والجواب عن هذا أن إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة أيام وقعت اتفاقا لا قصدا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن من الناس من قدم قبله بيوم وبيومين، بل من الناس من جاء من شهر ذي القعدة بل من شوال، ولم يأمرهم بالإتمام.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب عن الدليل السابق [الفتاوى 24/ 140]:" وهذا الدليل مبني على أنه إذا قدم المصر فقد خرج عن حد السفر، وهو ممنوع، بل مخالف للنص والإجماع والعرف "

قال شيخنا في رسالة قصر الصلاة:" أما وجه منعه شرعا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة في عام الفتح عشرة أيام .... وأقام بها في غزوة الفتح تسعة عشر يوما، وأقام بتبوك عشرين وكان يقصر الصلاة مع هذه الإقامات المختلفة، وأما وجه منعه عرفا فإن الناس يقولون في الحاج إنه مسافر، وإن كان قد سافر أول ذي الحجة، ويقولون للمسافر للدراسة إنه مسافر للدراسة في الخارج ونحو ذلك " ا. هـ

ثم الحنابلة يقولون إنه يصير مقيما، فعندهم الناس ثلاثة أقسام: مسافر ومقيم ومستوطن، وهذا الذي صار مقيما له حكم المستوطن في كل شيء إلا في الجمعة، فإنه تلزمه الجمعة لكن لا يكون فيها إماما ولا خطيبا ولا يتم به العدد، فصار مسافرا من وجه ومستوطنا من وجه، وهذا التقسيم ليس عليه دليل، وهو أيضا متناقض، إذا كيف يكون الإنسان مستوطنا من وجه ومسافرا من وجه آخر، والراجح أن الناس قسمان، مسافر ومستوطن، وإن شئت فقل: مسافر ومقيم هذا هو الذي تقتضيه الأدلة، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [الفتاوى 24/ 137، 184].

القول الثاني: أنه إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإتمام، لكن لا يحسب منها يوم الدخول ويوم الخروج، وعلى هذا فتكون الأيام ستة، وهذا مذهب الشافعية وقال به مالك وهو رواية عن أحمد حكاها صاحب الإنصاف، واستدلوا بأدلة منها:

1 - حديث العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا) [م 1352]، قال النووي في شرح مسلم:" معنى الحديث: أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة، واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن إقامة ثلاثة ليس لها حكم الإقامة، بل صاحبها في حكم المسافر، قالوا: فإذا نوى المسافر الإقامة في بلد ثلاثة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج جاز له الترخيص برخص السفر من القصر والفطر وغيرهما من رخصه، ولا يصير له حكم المقيم "

والحق أن الحديث حجة عليهم لأنه إذا جاز لهم أن يقصروا في سفرهم هذا، فهم في الحقيقة لم يجلسوا ثلاثة أيام فقط، بل هذه الثلاثة بعد إتمام الحج، وربما هم قد جلسوا في حجهم أسبوعا أو نحو ذلك، فكيف يؤخذ من هذا التحديد بأربعة أيام أو ثلاثة.

2 - أن هذا مروي عن عثمان - رضي الله عنه -

القول الثالث: إذا نوى الإقامة أكثر من خمسة عشر يوما أتم، وهذا مذهب أبي حنيفة وهو قول الثوري والمزني، واستدلوا بما روي عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - أنهما قالا:" إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة " رواه الطحاوي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير