تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مقال رائع: المصارف الاسلامية مالها وماعليها، لمعالي الشيخ صالح الحصين حفظه الله]

ـ[محمد أبو سعد]ــــــــ[19 - 12 - 10, 09:02 م]ـ

وقع بيدي العدد السابع من مجلة تجارة مكة الصادر في رمضان سنة 1431، وقرأت فيه هذا المقال الرائع، لمعالي الشيخ صالح الحصين، رئيس شؤون الحرمين الشريفين، حفظه الله، فأحببت أن أتحف به الإخوة هنا في ملتقانا الحبيب:

المصارف الإسلامية ما لها وما عليها

معالي الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين

لفظ العنوان يوحى بأن هذه الكلمة سوف تتناول المصارف الإسلامية على وجه العموم وأنها ستتناول إيجابياتها وسلبياتها ونجاحاتها وإخفاقاتها على وجه الشمول.

هذا بالطبع غير مقصود وغير ممكن، إذ إن المتكلم لا يحيط علمه بجميع المصارف الإسلامية فضلاً عن أن يحيط علماً بأنشطتها وأنواع معاملاتها.

وإنما ستتناول هذه الكلمة فقط التوجه العام الغالب للمصارف الإسلامية.

ولتقييم التوجه العام لأي نظام لابد أن يتم ذلك في ضوء قياس مدى تحقيق النظام لأهدافه والأغراض التي وجد لتحقيقها.

فما هو مبرر وجود المصارف الإسلامية؟

لماذا كان وجودها ضرورياً؟

الجواب:

(1) من أكبر المصائب التي أصيبت بها المجتمعات الإسلامية وجود الربا ممارسة واستحلالاً بوجود مؤسسات للوساطة المالية بين المدخرين والمستثمرين تعتمد أساساً على الربا (البنوك على النظام الغربي).

يتضح خطر هذه المصيبة من قراءة الآيات الكريمة {الذٌينّ يّأًكٍلٍونّ الرٌَبّا لا يّقٍومٍونّ إلاَّ كّمّا يّقٍومٍ الذٌي يّتّخّبَّطٍهٍ الشَّيًطّانٍ مٌنّ المّسٌَ ذّلٌكّ بٌأّنَّهٍمً قّالٍوا إنَّمّا البّيًعٍ مٌثًلٍ الرٌَبّا وأّحّلَّ اللَّهٍ البّيًعّ وحّرَّمّ الرٌَبّا} {يّمًحّقٍ اللَّهٍ الرٌَبّا} (البقرة: 275، 276) {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا اتَّقٍوا اللَّهّ وذّرٍوا مّا بّقٌيّ مٌنّ الرٌَبّا إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ فّإن لَّمً تّفًعّلٍوا فّأًذّنٍوا بٌحّرًبُ مٌَنّ اللَّهٌ ورّسٍولٌهٌ} (البقرة:278 - 279) ويستحيل رفع الربا في المجتمع، بدون زوال مؤسساته ولا يمكن زوال هذه المؤسسات إلا بوجود مؤسسات بديلة تختلف عن المؤسسات الربوية في فلسفة العمل وآلياته وتكون قادرة على منافستها من حيث كفاية الأداء.

(1) فالمبرر الأول: لوجود المصارف الإسلامية أن تكون البديل الحقيقي والقادر عن البنوك الربوية.

(2) المبرر الثاني: تحقيق المباديء القرآنية الثلاثة في التعامل مع المال وهي:

أ- أن يكون المال قياماً للناس ولا يكون محلاً لطيش السفهاء {ولا تٍؤًتٍوا السٍَفّهّاءّ أّمًوّالّكٍمٍ التٌي جّعّلّ اللَّهٍ لّّكٍمً قٌيّامْا} (النساء: 5).

ويتحقق هذا بأن يستخدم المال في وظيفته الطبيعية وهي مواجهة حاجات الإنتاج والتسويق والاستهلاك العاقل وصولاً إلى استقرار الاقتصاد ونموه مأخوذاً في الاعتبار أن أكبر خطر يهدد الاقتصاد المحلي والعالمي في الوقت الحاضر مرضه المزمن الكامن في جذوره وهو عدم الاستقرار.

وهذا المرض بالنسبة للاقتصاد العالمي مظهره أن هذا الاقتصاد يقوم على أهرامات من الديون يرتكز بعضها على بعض ولكن على غير أساس ثابت وقد تسبب هذا عن حمى المضاربة على العملات والمضاربة على الأسهم حتى أصبح العالم أشبه بكازينو كبير للقمار هذه المضاربة إنما يدعمها الائتمان الربوي حيث أصبح كل واحد يمكنه أن يشتري بدون أن يدفع ويبيع بدون أن يحوز، وفي تدفق النقود بين دول العالم تحظى المضاربة بالنسبة العظمى ولا تحظى التجارة الحقيقية إلا بنسبة ضئيلة.

(إن هذه المضاربة المسعورة والمحمومة قد أتاحها وغذاها الائتمان على الصورة الغربية التي يجري عليها اليوم).

هذا يعني أن المال صار يستعمل في غير وظيفته الطبيعية.

وإذا كان النشاط الاقتصادي غايته الأساسية إشباع حاجات الناس غير المحدودة بموارد محدودة فإن هذه الغاية لن يمكن تحقيقها ما دام المال يستعمل في غير وظيفته الطبيعية على نحو ما هو واقع.

والمفروض أن المصرف الإسلامي الحقيقي - إذا وجد - سيغير هذه الصورة وفي آلية عمله سوف يستعمل المال في وظيفته الطبيعية بأن يكون أداة التعامل ولن يكون محلاً للتعامل وبهذا وبمراعاته القاعدة الشرعية (أن لا يبيع الإنسان ما ليس عنده) سيتفادى استعمال المال في غير وظيفته الطبيعية بالصورة التي نراها اليوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير