تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذهب طائفة من العلماء إلى أن الأفضل أن يصوم وهذا هو الصحيح والأقوى أنه إذا لم تلحقه المشقة الأفضل أن يصوم؛ لأنه يبرئ ذمته؛ ولأنه مسارعة للخير، ولأن الرخصة ليست إلزامية، فليس هناك دليل يدل على اللزوم؛ ,لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام في سفره، فكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم مع وجود الرخصة دل على الأصل والأفضل أن الإنسان يراعي براءة الذمة، وأن هذا أولى وأحرى، فلما بلغ به الجهد ما بلغه -بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه- أخذ برخصة الله، فقلنا بالتفصيل: إن كان في سفره مرتاحا وفي الطائرة أو نحو ذلك أو في السيارة أو به جلد وقوة وصبر أو تعود الصوم في السفر نقول له الأفضل أن تصوم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام ما لا يقل عن سبعة أيام من عشرة أيام؛ لأن كراع الغميم فيها مرحلة واحدة باقية على مكة؛ لأنه بحذاء عسفان، وهذا يقوي؛ لأنه صائم خلال ثمانية أيام أو تسعة أيام التي قبل وصوله إلى مكة كلها وهذا يقوّي أن الصوم هو الأفضل، ولأنّه إبراء للذّمّة والإنسان لا يضمن أن يتمكّن من قضاء الصوم أو لا يتمكّن؛ فحينئذ نقول الأفضل أن يبرئ ذمّته.

بقيت مسألة أخيرة وهي: أن بعض الناس يقول الآن نحن في طائرات وفي سيارات ومرفّهون فلا رخصة في السفر، وهذا ليس بصحيح، ولذلك منع الناس من الفطر في السفر لوجود وسائل الترفيه مخالف لشرع الله؛ لأنّ الله اطّرد هذا الوصف بغض النظر عن النادر، ومن هنا نقول إن الرخص والأحكام الشرعية تتعلق بالغالب في الأوصاف لا بالنادر، فالغالب في السفر المشقّة، فإن وجد نادر لم يلتفت إليه، كما أن الغالب في لمس المرأة الشهوة والخلوة بها فتنة والسفر معها بدون محرم فتنة، فلو أنها كانت عجوزا أو كبيرة أو غير مشتهاه والرجل صالح ديّن يغلب على الظن أنه لا يقع في الفتن لا نقول: يجوز لك؛ لأن الشرع وضع القاعدة للغالب، فالصور النادرة هذه لا عبرة بها، وهذه الصورة التي في عصرنا نادرة أربعة عشر قرناً ما وجدت فيها وسائل الترفيه هذه، فجاءت أحكام الشريعة على غالب الأسفار في سائر الأعصار ولم تلتفت إلى خصوص الحال فيسقط هذا ولذلك الالتفات إلى الصور النادرة بّين العلماء أنه ليس من الفقه وليس هو الذي تنضبط به أحكام الشريعة، ومن أنفس من تكلّم على هذه المسألة الإمام العز بن عبد السلام في كتابه النفيس قواعد الأحكام، وعلى هذا نقول ليس لك أن تتحدث برخصة الله –عز وجل- فتقيّدها والله أطلقها فنحن نقول الرخصة باقية لكل مسافر.

ثانيا: نقول لهم من قال لكم إن المسافر مرتاح في وسائل الترفيه؛ هذا لأنهم ينظرون إلى ترفّهه ظاهرا ولا ينظرون إلى عذابه النفسي، فإن المسافر معذّب نفسياًّ بفراقه لأهله، بل إن هذه الوسائل العصريّة قد يكون فيها من الخوف من الضرر والبلاء أكثر من غيرها ممّا سبق ومن هنا لا يقبل هذا العذر.

ثالثا: أن مسألة الرخصة يعني هم يقولون إن هذا الترفيه يوجب البقاء على الأصل. نقول لهم: قد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- في أزمنتهم يوجد التّرفيه وهناك الأغنياء والأثرياء والعظماء لم نجد من فقهاء الإسلام من فرّقوا بين من يسافر مترفّها ومن يسافر غير مترفّه، ولذلك هذا التفصيل والتفريق لا أصل له في الشرع، وإنما نبهنا عليه لأن بعض العوام ينكر على من يراه من طلبة العلم أو من يراه يأخذ برخصة الله وهذا خلاف شرع الله أنه لا ينكر على من أخذ برخصة الله التي رخص له ولو كان على ترف أو على سفر لا مشقّة فيه ولا عناء.

[وإن صاما أجزأهما]: وإن صاما أجزأهما إشارة إلى القول المخالف أنه إذا صام لم يجزه وأنه يتعين عليه الفطر، فالصحيح أنه مأذون له بالفطر، ولو صام أجزأه صومه؛ والدليل على ذلك السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام في سفره فدل على أنه يجزيه.

[الثاني: الحائض والنفساء تفطران وتقضيان]: الحائض والنفساء أوجب الله عليهما الفطر ولا يجوز لهما أن يصوما، والحائض هي المرأة التي أصابها الحيض، والحيض دم يرخيه رحم المرأة لغير فساد ولا نفاس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير