تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبما تقدَّمَ بيانُه يظهرُ أنَّ المجمعَ خلَّطَ بينَ المسائلِ، وجعلَ حُكْمَها واحدًا، معَ أنّ حكم (رئيس) غيرُ حكمِ (أستاذ)، وحكمَ (أستاذ) غيرُ حكم (عضو)؛ بل بلغت بهِ الجرأةُ أن يّجعلَ الفرْضَ محرَّمًا، والمحرَّمَ فرضًا واجبًا. وفي هذا إضرارٌ بالعربيةِ، وإغواءٌ للناشئةِ، واستهانةٌ بأهلِ العلمِ الذينَ يسوءُهم كلَّ المساءةِ أن يتصدَّرَ للفتيا من ليسَ من أهلها، ويقضيَ في مسائلِ العلمِ من لا يفقُهها، ولا يدرِك عللَها، ولا يبصِرُ ما وراءَها. وما يغني عنه أن يكونَ انتسبَ إلى صرحٍ ظاهرُه الصلاحُ، أو أن يكونَ لبسَ لبوسَ العلماءِ، وتزيّا بزِيّهم، وشيَّعَه من الناسِ من شيَّعَه! فمتَى كانَ العلمُ بالمظاهرِ، أو كانَ الاعتدادُ بمواطأةِ العامّةِ؟

عجِبتُ لإدلالِ العَيِّيِّ بنفسِهِ ... وصمتِ الذي قد كانَ بالقولِ أعلما ([16] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn16))

ومن أسفٍ أنَّه قد اغترَّ بهؤلاءِ فريقٌ من الناسِ ممّن رضيَ بالتقليدِ، واستوطأ مركَبَ التسليمِ، وجعلَ معيارَ التفاضلِ بينَ الناسِ تلكَ الشَّهاداتِ التي قد تبيّنَ للجاهلِ الأميِّ بلهَ العالمَِ زيفُها، وانكشفَت له خفاياها، وأنه إن كانت تَزيدُ صاحبَها شيئًا، فالجهلَ أقربُ أن تزيدَهُ، وأنها إن كانت تَكسِبُ أهلَها أمرًا، فإنما تَكسِبُهم ضِيقَ التَّفكيرِ، والاتّباعَ المرسومَ، والمنهجَ المحدَّدَ، وتسدُّ عليهم مسالكَ الإبداعِ والتجديدِ، وتصيِّرُهم كالعمَّالِ في سُخرةٍ، يَسعَون في خدمةِ أغراضٍ منصوبةٍ لهم تَشغلُ عقولَهم عن صُلبِ العلمِ، ومتينِهِ، وتشحنُها بما لا يَجدي نفعًا، ولا يهدي إلى سبيلٍ؛ حتى إذا غلبَ أربابُها على نفسِهِ، واستمكنوا من عقلِهِ، ووثِقُوا من طاعِتهِ لمناهجِهم التي وضعوها، وشقُّوا مذاهبَها، إذا هو خاملُ الذِّهنِ، معطَّلُ التفكيرِ، مسلوبُ الرأيِ. ثمَّ تجدُ من بعدِ ذلكَ كلَّه مِن الجُهّالِ الأغمارِ مَن آلَى على نفسِهِ ألا يَرى الحقَّ إلا ما قالوه، ولا يعملَ إلا بما شرعوه، وأن يجعلَ أصابعَه في آذانِهِ، ويستغشيَ ثيابَه، ويُعرِضَ بقلبِهِ عن قولِ غيرِهم؛ ولو ظهرَ له أن الحقّ معهم، والعلمَ عندَهم، إمَّا جهلاً بالفرقِ بينَ الطيِّبِ والخبيثِ، والجيِّدِ والرديء، وإما حسَدًا من عندِ نفسِهِ وبغيًا (أعاذنا الله من حسدٍ يسدّ بابَ الإنصافِ، ويصُدّ عن جميل الأوصافِ) ([17] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn17)) .

أما هذا المجمعُ، فإنما أقولُ لهُ:

فلو كانَ عبدُ الله مولًى هجوتُه ... ولكنّ عبدَ الله مولى مواليا

فهو كما قالَ ابنُ قتيبةَ: (له تَرجمةٌ تَروقُ بلا معنى، واسمٌ يهول بلا جسمٍ) ([18] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn18)) .

الموضع الخامس:

خطَّأ صاحبُ (معجمِ الأغلاطِ اللُّغويةِ المعاصرةِ) ([19] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn6)) وغيرُه من يقولُ في النسبةِ إلى (نحْو): (نحَوي). وليسَ ذلكَ بخطأ، لأن (نحْو) حلقيُّ العينِ على زنةِ (فَعْل)؛ فيجوزُ لكَ فيه الفتحُ قياسًا؛ نحو (الشَّعْر، والشَّعَر)، و (البحْر، والبحَر)، و (النّهْرِ، والنهَرِ). ثمَّ تنسِبُ إليهِ بعدَ فتحِهِ.

فإن قيلَ:

إنَّ ورودَ مثلِ هذا لا يسوّغُ قياسَهُ؛ إذ يكونُ لغاتٍ لبعضِ العربِ، كما قالوا: (نشْز، ونشَز) مثلاً - وهو قولُ البصريينَ ([20] ( http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn19)) - .

قلتُ:

بلِ القولُ الحقُّ الذي يؤدّي إليهِ النظرُ الصحيحُ أنَّ مسألتنا تفارقُ هذه المسألةَ؛ إذ هي في ما كان حلقيَّ العينِ على زنةِ (فَعْل). وبينَهما فروقٌ، منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير