تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - أن في الإلزام بأمر هو محل خلاف بين أهل العلم نظراً واضحاً. وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عمّن ولي أمراً من أمور المسلمين ومذهبه لا يجوز شركة الأبدان فهل يجوز له منع الناس؟. فأجاب: [ليس له منع الناس من مثل ذلك , ولا من نظائره مما يسوغ فيه الاجتهاد , وليس معه بالمنع نَصٌّ من كتاب , ولا سنة , ولا إجماع , ولا ما هو في معنى ذلك؛ لاسيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك وهو مما يعمل به عامَّة المسلمين في عامَّة الأمصار.

وهذا كما أن الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل , ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس بإتباعه في مثل هذه المسائل؛ ولهذا لما استشار الرشيد مالكاً أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل منعه من ذلك. وقال إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرّقوا في الأمصار , وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم. وصَنَّف رجلٌ كتاباً في الاختلاف , فقال أحمد: لا تسمّه كتاب الاختلاف ولكن سمّه: كتاب السُّنة.

ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجَّةٌ قاطعة واختلافهم رحمة واسعة. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما يسرّني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً. وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا , ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة. وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه.

ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره: إن مثل هذه المسائل الاجتهاديّة لا تنكر باليد , وليس لأحد أن يلزم الناس بإتباعه فيها؛ ولكن يتكلم فيها بالحجج العلميَّة فمن تبين له صحّة أحد القولين تبعه ومن قَلّد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه ونظائر هذه المسائل كثيرة] [60].

وليس هذا من الحكم الذي يرفع الخلاف , فإن ذلك في الأمور المعينة والمسائل الخاصّة بموطنها. قال شيخ الإسلام: (الأمور المشتركة بين الأمة لا يحكم فيها إلا الكتاب والسنة , ليس لأحدٍ أن يلزم الناس بقول عالم ولا أمير ولا شيخ .. وحكام المسلمين يحكمون في الأمور المعينة لا يحكمون في الأمور الكليّة .. ) [61].

وبناء على هذين الأمرين فإنه لا يظهر لي وجاهة ما قرره الأستاذان الفاضلان والله الموفق.

وبعد! فهذا آخر ما تهم معرفته عن حكم هذا العقد أسأل الله تعالى أن يوفق للصواب لا إله إلا هو.


[1] مختار الصحاح (ص26) مادة (أ م ن) , المنجد الأبجدي ص 223.
[2] المعجم الوسيط (1/ 28) مادة (أمن). ورمز له مج وهو اللفظ الذي أقرّه مجمع اللغة العربيّة.
[3] الوسيط في شرح القانون المدني للسنهودي (7/ 1080) , نظام التأمين مصطفى الزرقا (ص 33).
[4] حاشية ابن عابدين (4/ 170).
[5] لفظ (سوكوه) لفظ شائع بمعنى عقد التأمين وهو مأخوذ من اللفظ الفرنسي (سيكورتيه) ومعناه الأمان والاطمئنان. نظام التأمين للزرقا (ص 23).
[6] انظر في النشأة التاريخية للتأمين بحث هيئة كبار العلماء بالسعودية له (ص 38) , المعاملات المالية المعاصرة د. محمد شبير (97) , التأمين في الشريعة والقانون د. غريب الجمال (ص 11).
[7] الإسلام والتأمين د. محمد شوقي الفنجري (ص46 , 47) , الاقتصاد الإسلامي مذهباً ونظاماً د. إبراهيم الطحاوي [1/ 445].
[8] معجم المصطلحات الاقتصادية نزيه حماد (ص 106) , وانظر القوانين العربيّة المعرفة للتأمين وهي 747القانون المصري , و 713 سوري , و 950 لبناني , و 983 عراقي , و920 أردني , والوسيط للسنهوري (7/ 1079).
[9] انظر الوسيط للسنهوري (7/ 1136) , بحث عقود التأمين الدكتور محمد الفرفوز لمجلة مجمع الفقه الإسلامي (2/ 577) , دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة د. محمد مصطفى (2/ 470).
[10] مجموعة رسائل ابن عابدين (2/ 175).
[11] له في ذلك رسالة مستقلة باسم أحكام السوكرتاه
[12] فتاوى المنابر (4/ 164) , (3/ 964)
[13] بواسطة نظام التأمين للزرقا (ص 67).
[14] عقد التأمين ضمن أعمال مهرجان ابن تيمية (ص 420).
[15] أعمال المؤتمر العالمي للاقتصاد الإسلامي (ص 553).
[16] الغرر وأثره في العقود (ص 650).
[17] بواسطة رؤية شرعية في التأمين للشيخ عبد الله المنيع.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير