تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من ديوان الصنوبري ص 5 ":" غير أن أكثر شعره يتصل بوصف الرياض والأنوار والتغني بجمال الطبيعة والعكوف على اللذات "، وهناك بعض الشعراء نظموا ديوانًا كاملًا في موضوع واحد، أشار إليهم النقاد، ولا حاجة لذكرهم هنا لسبب يعرفه المتخصصون، بحيث تعد ظاهرة تغليب النظم في موضوع معين إحدى الظواهر الشعرية في العصر العباسي،وغيره من العصور.

على أن بعض الموضوعات التي آثرها بعض شعراء الدولة العباسية لا تخلو من طرافة، ولا تخلو كذلك من الظرف والفكاهة – كما ذكر كثير من النقاد - فإذا نظرنا إلى المقطعات التي أبدعها الشاعر العباسي "الحمدوي" في "شاه سعيد "، وهي شاة هزيلة أهداها إليه" سعيد بن أحمد "، أو المقطعات التي نظمها في "الطليسان" الذي أهداه إليه " أحمد بن حرب " فلم بعجبه سيجد الفكاهة متمثلة فيها بكل أبعادها في هذين الموضوعين، وقد أورد بعض هذه المقطعات بعض الأدباء في مؤلفاتهم، منهم الحصري في كتابه " زهر الآداب وثمر الألباب 1/ 549 وما بعدها ومنهم ابن شاكر الكتبي في كتابه:" فوات الوفيات " 1/ 173 – 177، وقد تحدث د. " نعمان أمين طه " على ما فيهما وفي غيرهما من عنصر الطرافة والظرف في مؤلف له، اطلعت عليه منذ زمن وهو كتاب " السخرية في الأدب العربي حتى نهاية القرن الرابع الهجري ".

ومن هؤلاء الشعراء الذين أكثروا النظم في النجوم ومواقعها " محمد بن يزيد الحصني "، " وابن طباطبا العلوي "، وقد أشار إلى هذا الأمر " التيفاشي " في كتابه سرور النفس بمدارك الحواس الخمس ص 146 (تحقيق د. إحسان عباس – 1980م) في قوله:" ومن أوصاف النجوم ما قاله أبو الإصبغ محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك الأموى، وكان من أفصح المحدثين وأوصفهم للأزمنة والنجوم، ولما سمع المأمون هذه القصيدة التي سنوردها له قال: هذا شعرُ رجلٍ كأنه صعد الفلك فعلم ما فيه. قال الصولي: ولا أعلم شاعرًا تشبَّه به وتبعه في وصف النجوم والأزمنة فأحسن إلا محمد بن أحمد العلوي المعروف بابن طباطبا، فإنه مجيد في ذلك وهو أكثر بديعًا، والمسلمي أفصح منه. قال محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان:

لما تراءى زُحلٌ ... ذاتَ العشاء فَمَتَعْ

ولحق النّسرين شَخْـ ... ـصُ الردفِ بالخيل الدرع

أطارَ نسرًا واقعًا ... بطائرٍ ليس يقع

رنَّقَ ذا في سيره ... وسار هذا فشع

وعنّ سعدٌ ذابحٌ ... يتبعه سعدُ بُلَعْ

وسعدُ سعدٍ بعده ... لسعدِ سَعْديه تبع

ذا مع ذا ذاك وذا ... دافَعَهُ ذا فاندفع

أمامها رامٍ إِذا ... أَغرق ذا فُوقٍ نزع

يقفو نعامًا واردًا ... وصادرًا حيث سكع

يطيرُ ما طِرْنَ فإنْ ... وقعنَ في الأفقِ وقع

وعقربٍ يقدمها ... إكليلها حين دسع

لها مصابيحُ دجىً ... تحكي مصابيح البيع

تتلو الزبانى فاذا ... جدَّ بها السيرُ ظلع

تتابُعَ الخيلِ جَرَتْ ... منها مُسِنٌّ وَجَذع

حتى إذا ما الدلوُ في ... حوضٍ من الحوت كرع

ووازن الكفَّ التي ... فيها خضابٌ قد نصع

قال الدليلُ: عَرِّسُوا ... فليس في صبحٍ طمع

هذا ظلامٌ راكدٌ ... ما للسُّرى فيه نجع

والعيسُ في داوَّيةِ ... تُعْمِلُ فيها وتدع

ممتدَّةٌ أعناقُها ... للوردِ عن غبِّ النسع

كأنها شقائقُ ... تدلُجُ في الموجِ الدُّفَع

فقلت سدِّدْ نَحْرَها ... لا كنتَ من نِكْسٍ ورع

أما ترى غُفْرَ الزبا ... نى ساجدًا وقد ركع

وقبل ذاك ماخبا ... ضوءُ السماكِ فخشع

وانتثرتْ عوّاؤُهُ ... تَناثُرَ العقدِ انقطع

حتى إذ الكبشُ ارتقى ... في مُرْتَقَى ثم طلع

هتَّكَ جلبابَ الدجى ... صَدْعٌ من الفجر انصدع

نقَّبَ في حافاتِهِ ... هنيهةً ثم سطع

كلمعةِ البرقِ اليما ... نيِّ إذا البرقُ لمع

أو سلَّةِ السيفِ انتضى ... سلَّته القينُ الصنع

ثم تنمى صاعدًا ... ذا جَلَحٍ بادي الصلع

في نقبة ينسجها ... بيضاء ما فيها لمع

فراح شكّ العين إذ ... جاد البلاد واتسع

وانهزمت خيل الدجى ... تركض من غير فزع

والضوء في عراصها ... يخب طورًا ويضع

فقلت إذ طار الكرى ... عن العيون فانقشع

لمائد في رحله ... نشوان من غير جُرع

ليس المذكّى سنُّه ... في الصبر كالغمر الضرع

أما ابن " طباطبا العلوي " الذي أشار " التيفاشي " في نصه السابق إلى جودته في وصف النجوم والإكثار من هذا الوصف فمن شعره الذي أورده له " التيفاشي " في كتابه سرور النفس ص 39 – 40 قوله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير