إشكالٌ في الروضِ المربع (باب الاستبراء)
ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[11 - 12 - 10, 07:51 م]ـ
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
أشكلّ على ضعيفِ المُنَّةِ - عبد الرحمن- ما جاءَ في بابِ الاستبراء، في الروض:
وقالَ البُهوتيُّ ((" من ملكَ أمةً يُوطأ مثلُها" ببيعٍ أو هبةٍ أو سبيٍ أو غير ذلك "من صغيرٍ وذكرٍ وضدِّهِما" وهو الكبيرُ والمرأةُ "حَرُمَ عليهِ وَطْؤهَا ومقدِّماتُهُ" أيْ مُقَدِّماتُ الوطءِ من قُبلة ونحوها "قبلَ استبرائها" لقوله -صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَسْقِ ماءَهُ ولدَ غيرِهِ" رواهُ أحمدُ والترمذيُّ وأبو داودَ وإنْ أَعْتَقَهَا قبلَ استبرائِها لَم يصح أن يَّتزوجها قبلَ استبرائها وكذا ليسَ لها أن تتزوج غيرَه إن كان بائعُها يطؤها ومن وطىء أمتَه ثم أراد تزويجها أو بيعَها حرُمَا حتى يستبرئها فإن خالفَ صح البيع دون التزويجِ، وإذا أعتق سريَّتَه أو أمَّ ولده أو عتقت بموته لزمها استبراء نفسها إن لم يكن استبرأها))
والإشكالات:
1. إيجابُ الاستبراء مُطلقاً في أوَّل الباب، ولو كان صاحبها الأول طفلاً أو امرأةً، ثمَّ قالَ بعدُ:
- ((وكذا ليسَ لها أن تتزوج غيرَه إن كان بائعُها يطؤها))، فقيّده بكونه يطؤها؟!، والطفل والمرأة - اللذان ذكرهما قبل- لا يطآنِ.
2. ((ومن وطىء أمتَه ثم أراد تزويجها أو بيعَها حرُمَا حتى يستبرئها)) أو ليس الاستبراء واجباً على من اشترى أمةً؟!، فهل يجب على البائع والمشتري؟، فإن كان كذلك فكيف قيّده بأن لم يكن استبرأها؟
وأظنُّ القسمة الذهنيّة لا تخلو من:
- أن يستبرأها الأول والثاني مطلقا.
- أن يستبرأها الأول مطلقا، ولا يستبرأها الثاني، إلا إن لم يستبرِئها الأول.
- أن يستبرأها الأول إن وطئها، ولا يستبرأها الثاني، إلا إن لم يستبرِئها الأول (الواطئ).
- أن يستبرأها الثاني مطلقاً، ولا يستبرأها الأول مطلقاً.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[عصام الصاري]ــــــــ[12 - 12 - 10, 02:07 م]ـ
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله. وبعدُ:
اللهم يسِّرْ وأَعِن، فالجوابُ على الإشكالات بحسب المتاح من الأوقات، وبحسب النص الذي نقلْتَه:
1 - أن البُهوتي -رحمه الله- لم يصرِّحْ بوجوب الاِستبراء مطلَقاً، وليس هناك ما يَدل عليه في النص، بل فيه ما يدل على التقييد؛ إذ قال:" أَمَةً يُوطأُ مثلُها "، فخَرجتِ الصغيرةُ. وأما قولُه:" مِن صغيرٍ وذَكَرٍ " فهو بيانٌ لـ"مَن" في قوله:" مَن مَلَك "، فهو يَرجعُ للمالك، لا للأمة المملوكة، أي: سواءٌ كان المالكُ صغيراً أو كبيراً، ذكَراً أو أُنثى، وبه يتبيَّنُ معنى قولِه بعدُ:" إن كان بائعُها يطَأُها "، أنه قَيدٌ في الأمَة لا إشكالَ فيه؛ لأن البائعَ إذا لم يطَأُها يقيناً فلا حاجةَ لاستبرائها حينئذٍ. كالصغيرة التي ليس من شأنها أن تُوطأَ فإنها لا تُستَبرأُ، فهو مفهومُ قولِه:" يوطَأ مِثلُها ". فتنبَّهْ. وفتَح الله عليكَ.
2 - الجواب على الإشكال الثاني: بلى، الاِستبراءُ واجبٌ على بائع الأمَةِ، كما يجبُ على مشتريها، فيَستبرئُ كلٌّ منهما، وهل بوضعها عند أمينٍ كما يقول بعضُ الفقهاء، أو استبراءً مستقلاًّ من كلٍّ منهما، وفيه نظرٌ؛ لما فيه من تطويل مدة الاِستبراء عليها؛ وإنما وجب الاِستبراءُ عليهما لمنع اختلاطِ ماء كلٍّ منهما بماء الآخَر، كما يجبُ على البائعِ استبراؤُها إذا أراد تزويجَها، للعلة نفسِها، ولا أَعلَمُ هل يجبُ على الزوج استبراءٌ أيضاً، يُنظَر كتب المذهب.
3 - أما قولُه:" إن لم يكن استبرأَها " فليست من متعلقات مسألة البيع أو التزويج، بل هي مسألةٌ أخرى، وهي: ما إذا أَعتَقَ سُريَّتَه أو أُمَّ ولدِه أو عَتَقَتْ بموته، لزِمها استبراءُ نفسِها؛ لأنها لم تعُدْ أمَةً كما كانت، فشأنُ استبرائها بيدها، كالحُرة يجبُ عليها أن تَعتَدَّ بنفسها. أرجو أن يكون المعنى قد ظهر، وأن الإشكالَ قد زال أخي عبد الرحمن. واللهُ أعلمُ.
ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[12 - 12 - 10, 03:00 م]ـ
شيخنا/ عصام الصاري، أصحبكَ اللهُ التوفيقَ في قولِكَ وفعلِك، وأشكرُ لكَ أن نظرتَ فيما كتبتُ نظر فحصٍ وتدقيق.
¥