تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد روى البخاري من طريق عبدالمجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب،

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، أن رسول الله ? استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة فقال: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً، وقال في الميزان مثل ذلك ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn48)).

جواب ابن تيمية وابن القيم:

أجاب ابن تيمية وابن القيم في التفريق بين الجودة والصنعة أن الجودة من خلق الله تعالى، فأمر ببذلها بدون مقابل، وأما الصنعة فهي من فعل الآدمي، فيعتبر من الظلم أن يقال: بعها واخسر الأجرة ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn49)).

وهذا التفريق غير دقيق لثلاثة أوجه:

أحدهما: أن الجودة والصنعة كلها ملك لآدمي معصوم، وهي بالإتلاف متقومة، ولم تلغ بحجة أنها من خلق الله، فأموالنا كلها من خلق الله، ونحن مستخلفون فيها، فإذا أهدرت الجودة في الربويات مع كونها مالاً متقوماً مقصوداً، أهدرت الأخرى؛ لأن المعيار هو التماثل في المعيار الشرعي، وهو الكيل. ثم إن هذا قد ينتقض إذا ملكت الجودة والصنعة عن طريق المعاوضة بالأوراق النقدية، فكيف يقال للأول: لا مقابل لما اشتريت إذا بعته بجنسه وإن كنت قد دفعت مالاً كثيراً قيمة للجودة، ويقال للثاني: لا نضيع عليك الصنعة إذا بعته بجنسه، وكلاهما قد دفع عوضاً مالياً سواء للجودة أو للصنعة.

الثاني: أن مبادلة الدراهم والدنانير بالسبائك من مثلها لا يجوز فيه التفاضل مع أن ضرب الدراهم أو الدنانير صنعة، وهو من عمل آدمي، ولا يعمل إلا بأجرة، ومع ذلك ألغي حين تبادل الذهب بمثله، فكذلك الحلي.

الثالث: أن الجودة وإن كانت من صنع الله إلا أنها تتفاوت تفاوتاً كبيراً بحسب جهد الآدمي وتعاهده لما زرع، وقيامه على مصالحه بقطع ما يضره، وتزويده ما ينفعه من سماد ونحوه، فالمزارع يصرف الأموال الطائلة في إصلاح الثمار تخلية وتحلية، فالآدمي له كسب مؤثر في جودتها، وهذا لا يعرفه إلا من اشتغل بالزراعة، بل ربما ما يصرفه المزارع من جهد ومال يفوق بكثير ما يصرفه الصائغ على ذهبه وفضته، فالمزارع يذهب عليه فصل كامل من السنة أو أكثر، وهو يشتغل على ثماره من قبل ظهورها إلى أوان جذاذها، فإذا قيل للمزارع بالإجماع: بع الثمار بمثلها، واخسر جهدك ومالك، فيجب أن يقال له: إذا بعت الحلي من الذهب بالذهب، فاخسر جهدك. وإذا أراد المزارع أن يأخذ قيمة الجودة، فلا يقبل مبادلته بتمر رديء، بل يطالب صاحب التمر الرديء أن يبيعه بالدراهم ويشتري به تمراً جيداً، وإذا أراد الصائغ أن يأخذ قيمة الصنعة، فلا يبيع الحلي من الذهب بالذهب، بل يبيع الحلي من الذهب بالدراهم، والحلي من الفضة بالدنانير، أو يبيعهما بالأوراق النقدية. هذا هو سبيل الفكاك من الوقوع في الربا، وهو مطلب يسير غير متعذر.

هذه تقريباً أهم الأدلة التي استدل بها الجمهور في تحريم ببيع الحلي بالذهب متفاضلاً.

دليل من قال: يجوز بيع الحلي بالذهب متفاضلاً:

الدليل الأول:

أن علة الربا في الذهب والفضة هي الثمنية، فإذا كانا حلياً فقد أصبحا مجرد سلعة كسائر السلع، لا من جنس الأثمان، ولهذا لا تجب فيهما الزكاة، ولا يحرم بيعهما بالدنانير والدراهم مع التفاضل.

ويناقش من وجوه:

الأول: أن جريان الربا في الذهب والفضة ثابت بالنص، وكون العلة فيهما هي الثمنية أمر مستنبط مختلف فيه، وقد نص العلماء على أن العلة المستنبطة لا يمكن أن تعود على الحكم بالإبطال، لأن النص دلالته قطعية وهي دلالتها ظنية، والله أعلم.

الثاني: أن الربا يجري في سبائك الذهب والفضة مع أنهما في حال كونهما سبائك ليسا ثمناً ([50] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_edn50)).

وهذا دليل على أن الثمنية موغلة في الذهب والفضة لا تنفك عنهما، وليست طارئة عليهما، سواء كانت تبراً، أو عيناً، أو مصوغاً.

الوجه الثالث:

القول بأن الحلي لم تدخل في نصوص الربا، لأنها من جنس السلع، وليست من جنس الأثمان، ولهذا لم يجب فيها الزكاة. فيقال في الجواب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير