تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معركة أجنادين في فلسطين .... تحقيق جغرافي، ولغوي، وعسكري]

ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[19 - 08 - 07, 11:33 م]ـ

- معركة أجنادين من المعارك الفاصلة في تاريخ الفتح الإسلامي، فهي أول معركة كبرى هزم الله فيها الروم، وكانت أحداثها ذات تأثير فيما بعدها من المعارك، ومنزلتها بين معارك فتح الشام، كمنزلة غزوة بدر بين الغزوات النبوية ... حيث كانت أولى المعارك التي زلزلت دولة الروم، وألقت الرعب في نفوس جندهم، كما كانت أول معركة أعطت المسلمين الخبرة في مواجهة جند الروم ...

هذه المعركة، لا زالت المصادر القديمة والحديثة تختلف في تحديد لفظ اسمها، ومكانها، والدوافع التي حددت مكان المعركة، وغير ذلك من جوانبها الهامة ... وبعد بحث متواصل في مصادر هذه المعركة وميدانها، اهتديت إلى ما يمكن أن يكون المحزّ فيما اختلفوا فيه، فأقول وبالله التوفيق:

الاسم والمكان:

الاسم (أجنادين) هكذا، آخره يا ونون، في أكثر المصادر: ومنهم من يفتح الدال، فيجعله بلفظ مثنى (أجناد) والنون فيه مكسورة، ومنهم من يكسر الدال، ويفتح النون، على صيغة جمع مذكر سالم، وأكثر أهل الحديث يقولون إنه بلفظ التثنية ... فهم إذن عاملوه معاملة المثنى الذي سمي به، أو الجمع الذي نسمي به ..

. ولم يتكلم أحد عن إعراب اللفظ، ولكننا نقيسه على ما وضعوه من القواعد والمثنى والجمع اللذين سمي بهما: فإذا كان بلفظ المثنى: يجوز فيه وجهان: الأول: إعرابه إعراب المثنى، لأنه ملحق به، فنقول معركة أجنادين مضاف إليه مجرور بالياء، وتقول هذه أجنادان: مرفوع بالألف، ويجوز أن يلزم الألف ويعرب إعراب ما لا ينصرف، تشبيهاً له بنحو (عمران) وسلمان، فتقول: هذه أجنادين: مرفوع بالضمة، ومررت بأجنادان: مجرور بالفتحة.

وإن عددناه جمعاً، يجوز فيه أن يعرب بالحروف، فتقول: هذه أجنادون، ورأيت أجنادين، ويكون ملحقاً بالجمع المذكر السالم، لأنه لما لا يعقل،ويجوز أن يلزم الواو والنون مع التنوين والإعراب بالحركات، فتقول: أجنادون، وأجنادوناً.]

أو أن يلزم الواو والنون مع المنع من الصرف، للعملية وشبه العجمة، لأنه يشبه (هارون) ... ولكن ابن منظور في لسان العرب يقول: (وأجنادان، وأجنادين) موضع النون بالرفع، كأنه لحظ فيه الإفراد، وأنه علم مرتجل على هذا المكان سواء أكان بالياء أو الألف، فيعرب بالحركات ... والأقرب إلى الذوق في هذا كله أن يلزم الاسم الياء سواء أكان بلفظ المثنى، أم بلفظ الجمع، وأن يعرب بحركات مقدرة على آخره للحكاية، فإننا لا نعرف هذا الاسم إلا بلفظ الياء، وأكثر ما يذكر مضافاً إلى يوم أجنادين، أو معركة أجنادين، أو يقولون: استشهد فلان في أجنادين.

ولكن ما معنى لفظ أجنادين، ومم يتركب؟

فهذا الاسم من وضع العرب، لأننا لا نقع له على ذكر في الأسماء التي كانت موجودة في فلسطين قبل الإسلام ... يقول البكري في (معجم ما استعجم) في سبب مجيئه على لفظ المثنى (كأنه تثنية أجنادن) هل يقصد من ذلك، الشبه، أما المعنى؟ إن كان يقصد المعنى، فهو يقوّي كونه على لفظ المثنى، لأن مفرده (أجناد) وقد قسمت الشام في عهد عمر إلى أجناد ما حدها (جُنْد) فكان جند فلسطين، وجند الأردن، وجند دمشق، وجند حمص، وقالوا في سبب تسمية المنطقة جنداً، لأنها جمعت كوراً، والتجنّد التجمع، وجنّدت جنداً أي: جمعت جمعاً، وقيل: سميت كلُّ ناحية بجند كانوا يقبضون أعطياتهم فيه، وعندما نقرأ تاريخ المعركة، نعرف أن أكثر أجناد المسلمين قد شاركوا في معركة (جنادين) جند عمر بن العاص، وجند خالد وجند أبي عبيدة، وجند شرحبيل .. الخ منهم بمجموعهم (أجناد) ... وكذلك أيضاً، فإن الروم جاءتهم أجناد من أماكن متعددة، وكل واحد منهم (جند) فالتقى إذاك، أجناد المسلمين، وأجناد الروم، والمثنى (أجنادان) أو (أجنادين) ..

ولكن هذا التفسير ضعيف لأن لفظ (أجنادين) جاء في الرسائل التي تبادلها قواد المسلمين قبل حدوث المعركة، فقد خطب خالد في جنده وقال: (إنه قد بلغني أن طائفة من الروم نزلوا بأجنادين) وفي رسالة إلى شرحبيل (فإنه نزل بأجنادين جموع من الروم). لم يعد أمامنا إلا تفسير واحد، وهو أن (أجنادين) تحريف من الرواة والنساخين والصحيح أنها (جنّابتين) تثنية جنابة، أو هي (جنابين، تثنية) جناب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير