تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن هنا ينبغي لنا أن ننبه على أمر قد يقع خلط بينه وبين ما نحن بصدده فقد يفعل الإنسان أموراً لا يفعلها إلا لأجل أن الناس يقتدون به، ولو لم يكن في موضع القدوة لم يفعلها، وهذا أكثر ما يكون في باب التروك، وقد تحدث العلماء عن هذا فرغبوا لمن يقتدى به أن يترك بعض الأمور خشية أن يعتقد الناس فيها ما ليس بصحيح.

وما نحن فيه ليس من هذا الباب وإن كان الفرق بينهما دقيقاً، فمن يقتدى به، إذا فعل أو ترك أمراً كي يقتدي به الناس فعلاً أو تركاً إنما يفعل ذلك حتى لا يكون هو سبباً لوقوع الناس في الحرام، أو سبباً لترك الناس المستحب أو الواجب فيعاقبه الله على ذلك كما يعاقب فاعل المحرم، إذ الوسائل لها أحكام الغايات.

فالغاية النهائية لمثل هذا هي الدلالة على الخير لأنه سبب لمرضاة الله ونيل ثوابه، والتحذير من الشر، لأنه من أسباب سخطه ونيل عقابه.

لكن صاحبنا الذي سبق الكلام عنه هنا لم ينظر إلى الآخرة، ولا إلى الثواب أو العقاب، وإنما غايته النهائية تحقيق منزلته عند الناس.

وكذلك نيته هنا إلى الفرق بين الشعور بالمسؤولية إذا ألقيت على الإنسان ومن ثم النهوض بأعبائها، وبين هذا الذي نتحدث عنه، فعمر بن عبدالعزيز كان غاية في التنعم والترفه، حتى إذا ولي أمر المسلمين أبدل غاية ما فيه من تنعم وترفه بغاية الزهد والتقشف، فالفرق كبير، فإن الذي دفع عمر بن عبدالعزيز لذلك القيام بالمسؤولية التي امتحنه الله بها، ذلك أن القيام بها كما أراد الله يستلزم انشغالاً بمصالح المسلمين عن مصالح نفسه، وورعاً في المال الذي وكله الله عليه، وعبادة يستعين بها على القيام بأعباء هذا الواجب الثقيل، فمقصده النهائي طلب مرضاة الله بالنهوض بما أوجبه الله عليه، والقيام به على أتم وجه.

فإذا حُمّل أحد من الناس أعباء أو تكاليف منصب ما، فالواجب أن يبذل غاية ما في وسعه للقيام بهذا الواجب الذي تحتم عليه، فما من شك أن ما أوجبه الله عز وجل على من يتحمل أمراً من أمور المسلمين، ليس كما أوجبه على آحاد المسلمين، وعليه فلابد أن يكون عمل ونشاط وحركة الأول أكثر من عمل ونشاط وحركة الثاني بكثير، إذ لا يتم له القيام بذلك الواجب إلا بهذا الكم من العمل والحركة، فعلى كليهما أن يقوم بواجباته طلباً لمرضاة الله، وتخلصاً من إثم الإخلال بحقوق الله وحقوق الناس.

إخواني الدعاة وطلبة العلم: إن أخشى ما أخشاه على أنفسنا أن نأتي يوم القيامة، وقد أخذ كل مكانه من الجنة بمن فيهم من كنا نظن أنه أقل رتبة منا، ثم لا نجد مكانا لنا لأننا لم نمهد لهذا المكان بعملنا، ولم يكن الهرب من النار وطلب مرضاة الله حادينا إلى العمل، بل كانت دوافعنا إما حزبية من باب تكثير الأتباع، أو من أجل التصدر، أو غير ذلك، فالله الله في أنفسنا وفي قلوبنا ولندعُ الله أن يجعل همنا في أعمالنا الصالحة التقرب إليه إنه سميع مجيب.

الهوامش:

(1) سورة الفرقان: 33.

(2) رواه ابن ماجة، وهو صحيح، صحيح الجامع 3488.

(3) رواه ابن خزيمة في صحيحه.

(4) جامع العلوم والحكم، ص 1009، طبع مصر.

(5) عن مقاصد المكلفين للدكتور عمر الأشقر، ص 5.

(6) أبو عامر هو عبد بن صيفي بن النعمان، وهو والد أبي حنظلة غسيل الملائكة، وكان أبو عامر ترهب في الجاهلية وكان يقال له أبو عامر الراهب لكثرة عبادته، وكان سبب ترهبه أنه سمع بأن زمانه زمان نبي فأراد أن يهيء نفسه للرسالة، لمحات تربوية من السيرة النبوية، ص 8؛ وانظر السيرة النبوية لابن هشام، 584586، طبع مصر.

(7) سورة القصص:88.

(8) لمحات تربوية من السيرة النبوية، ص 810.

المصدر: http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=243503

(http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=243503)

http://www.muslm.net/vb/images/buttons/quote.gif (http://www.muslm.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=1459075)

ـ[أبو محمد الحلوانى]ــــــــ[15 - 02 - 10, 05:08 م]ـ

أعاذنا الله من ذلك وبارك الله فيك أخى الكريم على نقلك

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[15 - 02 - 10, 05:35 م]ـ

أي والله إنه لعزيز ويحتاج لمجاهدة دومًا وأبدًا.

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[15 - 02 - 10, 05:51 م]ـ

وجاء في نفس الرابط الذي أرفقه أبو محمد ما يلي:

أمراض القلوب

محمد العبدة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير