تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تجد المرأة المصورة بجوار الشيخ حسن البنا- رحمه الله - متبرجة، و الحجاب الصغير عبارة عن منفحة، ولا تكاد تجد من يحج أو يعتمر من الشباب. فالأمر يقتصر علىبعض كبار السن ممن هم على وشك الموت.

و كذلك الأمر بالنسبة لارتياد المساجد، لا تكاد تجد إلا بعض الفقراء من كبار السن هم الذين يحرصون على صلاة الجمعة، لا يمكن أن تجد منقبة أو مجلببة في الإسكندرية في الستينيات، واللحية تكاد تكون صورة نادرة جدا وسط الآلاف المؤلفة، وكان بعض النسوة يرتدون البرقع و اليشمك في هذه الآونة، ويلفت نظري في أواسط الستينيات صورة امرأة تسير بجوار أخرى عند قبر الجندي المجهول بمحطة الرمل و كانت قد غطت شعرها و نحرها بإيشارب و ارتدت بالطو طويل-إلى الأرض- و تساءل الناس يومها من هذه؟!، فقيل هذه حميدة قطب. وكنت أرتاد مسجد للجمعية الخيرية قرب العامود.

دخلت مرة و إذا برجل يقال له عبد الحليم حمودة وكانت له مؤلفات يتكلم في موضوع الحجاب و يقول للناس شئ ظريف أن تكون المرأة هكذا و أشار إلى منتصف ذراعه و ساقه.

مظاهر المجتمع

فقضية الحجاب و غيرها كثير لم تكن و اضحة في تلك الفترة، بل شاع أن المرأة المنحطة هي التي تظهر إبطها و ركبتيها، أما لو سترت ذلك فهي امرأة متحشمة.

العقائد يومها تكاد تكون صوفية، فمن أراد أن يظهر تدينا، يذبح لإبراهيم الدسوقي و ينذر للسيد البدوي و يحضر مولد أبي العباس المرسي، ويحكون لنا أن في المناسبات كالمولد النبوي كان كبار المشايخ المقرئين يقرأون في ساحة رأس التين، يحضره الملك و يتم توزيع الشربات عليهم.

حتى عبارات التحية لا تكاد تجد امرأة على وجه الخصوص تذكر تحية الإسلام، فبعضها أجنبي و بعضها بلدي مخترع تبعا للوسط الاجتماعي.

وهذه و تلك ليس لله فيها نصيب.

هل كنت تنصح الأسرة والعائلة؟

و كنت لربما أسديت لإمي-رحمها الله- بعض النصائح أو تكلمت معها في بعض الأمور التي أراها شرعية، فكانت تعترض علي و أنا صغير و تقول يابني نحن تربينا في بيوت العلماء. و تذكر كيف كان جدها وهو أحد شيوخ الأزهر إذا قدم من القاهرة يأتيه الضابط و أعيان اسطنها لزيارته و للترحيب به، وكيف كانوا يعدون القهوة له، وقد شاهدت مكتبته و كانت تحوي مئات المجلدات من أمهات الكتب

قوة العلاقة بين الشيخ و أمه

كانت علاقتي بأمي قوية جدا، وكنت و لله الحمد بارا لها، أحرص على شراء الأشياء لها من السوق و قضاء احتياجاتها. وكنت ماهرا في ذلك بفضل الله و كانت هي لا تطمئن إلا للأشياء التي أشتريها، كما كنت أذهب معها دائما للطبيب ثم اذهب لشراء الدواء لها و أصر على شراء الكبدة و البسيمة لها لمعرفتي بمحبتها لهذه الأشياء و حتى تقوي صحتها،وكنت أتناوب أنا و أخوتي العمل في المنزل ما بين طبخ و كنس على الرغم من وجود الشغالات و إن كنت أنا أقل أخوتي في ذلك.

و كانت أمي تثق في مشورتي رغم صغر سني و تعتبرني موضع سرها.

و قد استمر ذلك بعد زواجي و ابتعادي عن منزل العائلة، فكانت كلما حدثت مشكلة أو مشاحنة مع أبي أو اخوتي أو احتاجت مسألة فكانت تعرضها علي أو تنتظر مجيئي للمنزل حتى تعرف رأيي فيها، ومن المفارقات العجيبة أننا كنا نكره نومها و ننتهز أي فرصة و نسارع بإيقاظها، فهل خيم و سيطر علينا هذا الشعور نتيجة مرضها المستمر و خوفنا من موته؟!.

و قد استطاعت أن تربطنا بها برباط متين، فما قصرت يوما في خدمتنا.

كنا نفطر في السابعة صباحا و نجد المنزل مهيئا تماما، ونتغذى بعد الظهر و نتعشى و ننام مبكرين، و كانت مباركة و قد ترك الوالد-رحمه الله- لها مصروف المنزل و جميع مهماته بما في ذلك تعاهدانا في المدارس و الكليات.

و كان الشيخ محمد إسماعيل يصفها بأنها مركز البركة، وكانت كثيرا ما تستدين و توزع المال على الفقراء و المحتاجين أو تهادي به الناس هنا و هناك. فما سمعت أحدا و خصوصا بعد وفاتها إلا وقلا: كانت تعطيني،الكناس و البواب و زوج أختي و إخواني الذين كانوا يزورونها. وكنت لا أذهب للمنزل بعد زواجي إلا وتعطيني و تأمر إخوتي أن يحملوا الأشياء إلي لمرض عندي بالمفاصل.

هل كانت والدة الشيخ تفضله عن باقي اخوته؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير