تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأهم شيء أيضاً في منهج طالب العلم بعد النظر والقراءة، أن يكون فقيهاً، بمعنى أنه يعرف حكم الشريعة وآثارها ومغزاها وأن يطبق ما علمه منها تطبيقاً حقيقيَّاً بقدر ما يستطيع {لا يُكلف الله نفساً إلا وسعها}. [البقرة، الآية: 286]. لكن يحرص على التطبيق بقدر ما يستطيع، وأنا أكرر عليكم دائماً هذه النقطة " التطبيق " سواء في العبادات أو الأخلاق أو في المعاملات. طبق حتى يُعرف أنك طالب علم عامل بما علمت. ونضرب مثلاً إذا مرَّ أحدكم بأخيه هل يشرع له أن يسلم عليه؟ الجواب: نعم يشرع ولكن أرى الكثير يمر بإخوانه وكأنما مر بعمود لا يسلم عليه، وهذا خطأ عظيم حيث يمكن أن ننقد العامة إذا فعلوا مثل هذا الفعل، فكيف يُنتقد الطالب؟ وما الذي يضرك إذا قلت السلام عليكم؟ وكم يأتيك؟ عشر حسنات – تساوي الدنيا كلها عشر حسنات لو قيل للناس: كل من مرَّ بأخيه وسلم عليه سيدفع له ريال، لوجدت الناس في الأسواق يدورون لكي يسلموا عليه؛ لأنه سيحصل على ريال لكن عشر حسنات نفرط فيها. والله المستعان.

وفائدة أخرى: المحبة والألفة بين الناس، فالمحبة والألفة جاءت نصوص كثيرة بإثباتها وتمكينها وترسيخها، والنهي عما يضادها والمسائل التي تضاد كثيرة، كبيع المسلم على بيع أخيه، والخطبة على خطبة المسلم، وما أشبه ذلك، كل هذا دفعاً للعداوة والبغضاء وجلباً للألفة والمحبة، وفيها أيضاً تحقيق الإيمان لقوله صلى الله عليه وسلم: " والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا ". ومعلوم أن كل واحد منا يحب أن يصل إلى درجة يتحقق فيها الإيمان له؛ لأن أعمالنا البدنية قليلة وضعيفة. الصلاة يمضي أكثرها ونحن ندبر شئوناً أخرى، الصيام كذلك، الصدقة الله أعلم بها، فأعمالنا وإن فعلناها فهي هزيلة نحتاج إلى تقوية الإيمان، السلام مما يقوي الإيمان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم – يعني حصل لكم الإيمان – أفشوا السلام بينكم ". هذه نقطة واحدة مما علمناه ولكننا أخللنا به كثيراً لذلك أقول: أسأل الله أن يعينني وإياكم على تطبيق ما علمنا؛ لأننا نعلم كثيراً ولكن لا نعمل إلا قليلا ً، فعليكم يا إخواني بالعلم إذا غذيتموه بالعمل ازداد {والذين اهتدوا زادهم هدى وءاتاهم تقواهم}. [محمد، الآية: 17]. إذا غذيتموه بالعمل ازددتم نوراً وبرهاناً {يا أيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم}. [الحديد، الآية: 28]. والآيات في هذا المعنى كثيرة، فعليكم بالتطبيق في العبادات وفي الأخلاق وفي المعاملات حتى تكونوا طلاب علم حقيقة ً، أسأل الله أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.

وسئل الشيخ: ما توجيه فضيلتكم حفظكم الله تعالى لطالب العلم المبتدئ هل يقلد إماما من أئمة المذاهب أم يخرج عنه؟

فأجاب قائلا: قال الله عزوجل: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) الأنبياء7، فإذا كان هذا طالبا ناشئا لا يعرف كيف يُخرج الأدلة فليس له إلا التقليد سواء قلّد إماما سابقا ميتا أو قلّد إماماً حاضراً - عالم من العلماء - وسأله، هذا هو الأحسن، لكن إذا تبيّن له أن هذا القول مُخالف للحديث الصحيح وجب عليه أن يأخذ بالحديث الصحيح. س16سئل فضيلة الشيخ – غفر الله له –: كثرت الأسئلة عن كيفية الطلب وبأي شيء يبدأ من أراد أن يطلب العلم وبأي المتون يبدأ حفظاً، فما توجيهكم لهؤلاء الطلبة، وجزاكم الله خيراً؟ فأجاب فضيلته بقوله: أولاً وقبل أن أذكر التوجيه لهؤلاء الطلبة أوجه الطلبة أن العلم عن عالم؛ لأن تلقي العلم عن العالم فيه فائدتان عظيمتان: الأولى: أنه أقرب تناولاً؛ لأن العالم عنده اطلاع وعنده معرفة ويعطيك العلم ناضجاً سهلاً. الثانية: أن الطلب على عالم يكون أقرب إلى الصواب بمعنى أن الذي يطلب العلم على غير عالم يكون له شطحات وآراء شاذة بعيدة عن الصواب، وذلك لأنه لم يقرأ على عالم راسخ في علمه حتى يربيه على طريقته التي يختارها. فالذي أرى أن يحرص الإنسان على أن يكون له شيخ يلازمه لطلب العلم؛ لأنه إذا كان له شيخ فإنه سوف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير