وروى أبو بكر الخطيبُ مثل ذلك من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عُمر (رضي اللَّه عنهما) عن عُمر (رضي اللَّهُ عنه) أنه سأل النَّبي (صلى الله عليه وسلم) أَينامُ أحدُنا وهو جُنُبٌ؟ قال: نعم، ليتوضَّا ثُمَّ لِيَنمْ.
ثُمَّ رواه من طريق عُبيداللَّه، عن نافع، عن ابن عُمر، أنَّ عمر (رضي اللَّه عنه) قال: يا رسُول اللَّه أَيرقُدُ أحدُنا وهو جُنُبٌ ... الحديث.
فظاهرُ الطَّريق الأولى (فيما ذكرهُ الخطيبُ) أنها من مُسند عُمرَ، والثَّانية من مُسند ابن عُمر (فيما ذكره الخطيبُ) وقد أدخل الثَّانية في مُسند عُمر مُحمَّد بن يحيى بن أبي عُمر العدنيُّ في ((مُسنده)) وفعله غيره)). اهـ.
فائدة: لفظة ((أنَّ))، و ((أنَّه)) تحذفان خطًا ويُنطق بهما. قال الحافظ ابن حجر: ((وقلَّ من نبه عليه كما وقع التنبيه على لفظ قال)). اهـ.
وقال ابن ناصر (في موضعٍ آخر): ((سياقهُ هكذا بالعنْعَنةِ لا يُظهر فيه صفةُ التَّحمُّلِ هل هُو سماعٌ من لفظ الرَّاوي؟ أو قراءةً عليه؟ أو سَماعٌ وهو يُقرأُ عليه؟ أو مُناولةً؟ أو إجازةً؟ أو كتابةً؟ أو وجادةً؟.
فالمُعنعنُ (والحالةُ هذه) مُختلفٌ في حُكمه، فذهب بعضُهم إلى أنَّه من قبيل المُرسلِ والمُنقطعِ حتَّى يتبيَّن اتِّصالهُ بغيرِهِ.
وهذا قولٌ مرجُوحٌ ليس العملُ عليه، بل الصَّحيح الذي قال به الجماهيرُ من الأئمَّة وعليه العملُ: أنَّه مُتصلُ الإسناد بشرط سلامة المُعنعِنِ الثِّقة من التَّدليس وثبوتِ لقائه لمن روى عنه)).
وقال ابن ناصر (في موضعٍ آخر): ((سياقُهُ هكذا مُعنعنًا لا يظهر فيه صفةُ التَّحمُّلِ: هل كان سماعًا من لفظ الرَّاوي، أو عرضًا عليه، أو مُناولةً، أو إجازةً مُشافهةً أو كتابةً، أو وِجادةً؟ فالحديثُ المُعنعنُ إسنادُهُ (والحالةُ ما ذُكِر) مُختلفٌ في حُكمه، فقيل: هو كالمُرسلِ والمُنقطعِ حتَّلا يتبيَّن اتِّصالهُ من وجهٍ آخرَ، وهذا قولٌ مرجوحٌ، فالصَّحيحُ وعليه جماهير الأئمَّة: أنه مُتَّصلُ الإسْنادِ بشَرطِ سَلامةِ المُعنعِنِ الثِّقة من التَّدليس، وثبُوت لقائه لِمن روى عنهُ.
واشْترطَ أبو المُظفَّر عبدُالرَّحيم ابن السَّمعانيِّ مع ثبُوتِ اللَّقاءِ طُولَ الصُّحبةِ بين الرَّاويين.
واشْترطَ أبو عَمرو عُثمان بن سعيد الدَّاني معرفةُ المُعنعن بالرِّواية عمَّن روى عنه.
واقتصَرَ مُسلمٌ صاحِبُ الصَّحيح على المُعاصَرةِ ولم يشترطْ ثُبوت اللَّقاء.
وإذا تقرَّر هذا نظرنا فيمنْ عنعن هذا الحديث وجدناهُ سُفيان بن عُيينةَ، وقد اجتمعت فيه الشُّروطُ التي تَحكُم لما رواه بالاتِّصال، ولا يُقال: إنَّ سُفيانَ عُدَّ في المُدلِّسين فبهذا فُقِد فيه شرطُ السَّلامة من التَّدليسِ، لأنَّا نقولُ: إنَّ التَّدليس على أنواعٍ ترجِعُ إلى قسمين:
أحدهُما: تدليس السَّماع.
والثاني: تدليس الشُّيوخ والأماكن.
ومن ذلك ما هو مُؤثِّرٌ في الحديث قدحًا، ومنه ما لا يُؤثِّر، كالتَّدليس المُبيَّن، وهو: الَّذي إذا سُئلَ عنهُ راويه بيَّنه، وعليه يُحملُ ما في ((الصَّحيحين)) من رواية المُدلِّسين، كهُشيم بن بشيرٍ، وغيره.
ومن هذا الَّذي هو غير مُؤثِّر تدليسُ سُفيانَ بن عُيينةَ، فروايتُهُ لهذا الحديثِ بالعنعنةِ لا تضُرُّ، مع أنَّه قد رُوي عنهُ من طريقٍ بلفظ التَّحديث قال فيه سُفيان: حدَّثنا عَمرو بن ينار.
وسُفيان كان أجلَّ من أن يُدلِّسُ تدليسًا يُؤثِّرُ قدحًا)). اهـ.
تم هذا المجلس وإلى اللقاء في المجلس القادم (بإذن الله تعالى).
وكتبه / محبكم يحيى العدل.
ـ[يحيى العدل]ــــــــ[04 - 07 - 02, 04:36 م]ـ
في يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر لسنة ثلاث وعشرين وأربعمئة وألف للهجرة الشريفة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد فنستأنف مجالس التحديث بعون الله تعالى:
المسألةُ السَّادسة والعشرُون: معرفةُ التواريخ والوفيات المتعلقة برواته.
وهذه المسألة داخلةٌ تحت النَّوع الستين ((معرفةُ تواريخ الرُّواة)).
تقدَّم ذكر وفيات رواته في المسألتين (الثانية) و (الخامسة عشرة).
أما التاريخُ فممَّا ورد في هذا الباب ممَّا له تعلَّقٌ بهذا الحديث ما يلي:
¥