أخرجه الخطيبُ: أنبأنا مُحمَّد بن أحمد بن رزق، حدَّثنا أبو سعيد الحسن بن على بن مُحمَّد بن ذكوان البزَّاز يُعرف بابن الزَّهرانيِّ، حدَّثنا حسن الصَّائغ، حدَّثنا الكُديمِيُّ، قال: خرجتُ أنا وعلى بن المَدِينيِّ وسُليمان الشَّاذكُونىُّ نتنزه، ولم يبق لنا موضع مجلس غيرُ بُستان الأمير وكان قد منعَ من الخُروجِ إلى الصَّحراء، قال: فلمَّا قعدنا وافى الأميرُ، فقال: خذُوهُم. قال: فأخذُونا وكنتُ أنا أصغر القوم سنًّا فبطحُونى وقعدُوا على أكتافى، قال: قلت: أيُّها الأميرُ اسمع منِّى. قال: هات. قلت: حدَّثنا عبداللَّه بن الزُّبير الحُميديُّ، حدَّثنا سُفيان بن عُيينة، عن عَمرو بن دينار، عن أبى قَابُوس، عن ابن عبَّاسٍ، عن النَّبي (صلى الله عليه وسلم): الرَّاحِمُونَ يرحمُهُم اللَّهُ، ارْحَم من في الأرْضِ يرْحَمْكَ من في السَّماءِ.
قال: أعدهُ علىَّ. قال: فأعدتُهُ عليه. فقال لهؤلاء: قومُوا. ثُمَّ قال لي: أنت تحفظ مثل هذا، وأنت تخرج تتنزه أو كما قال.
قال: فكان الشَّاذكُونى يقولُ لي: نفعكَ حديثُ الحُميديِّ.
كذا قال في هذا الحديث عن ابن عبَّاسٍ وإنَّما هُو عن أبى قابُوس عن عبداللَّه بن عَمرو بن العاص)).
هذه القضيةُ إلى جانب دخولها في ((المُعلِّ)) أحد صور النَّوع الثاني والعشرين ((المقلُوب)) وقد تقدَّم في المسألة (الثَّالثة والثَّلاثين)).
والكُديمي هذا صاحبُ القصَّة وراويها متهمٌ.
ولهذا توجيه آخر عند ابن ناصرالدِّين، حيث قال: ((ومن العلل في الحديث: المقلُوب، فهذا الحديث من جميع طُرقه الَّتي وقعت لنا من رواية سُفيان، عن عَمرو، عن أبي قابوس، عن عبداللَّه بن عَمرو.
ورُوِّيناه من طريق أبي العباس مُحمَّد بن يونُس بن مُوسى الكُديميِّ القُرشيِّ الشَّاميِّ البصْريِّ أحد الأعلام المترُوكين، عن الحُميديِّ، عن سُفيان فذكرهُ، إلاَّ أنَّه قال بدل ((عبداللَّه بن عَمرو)): عن عبداللَّه بن عبَّاس، فانقلبت عليه، لرُعبٍ حصل لديه، فيما أعلم، واللَّه أعلم)).
والرُّعب هو المُشار إليه في رواية الخطيب الآنفة، للخوف وصغر السِّن، لم يضبط الرِّواية.
تم هذا المجلس .. وإلى لقاء قريب (بإذن الله تعالى) .. في المجلس القادم.
كتب / محبكم يحيى العدل.
ـ[يحيى العدل]ــــــــ[19 - 02 - 03, 02:19 م]ـ
في يوم الخميس الثاني عشر من شهر ذي الحجة لسنة ثلاث وعشرين واربعمئة وألف للهجرة الشريفة.
(تتمات ذكرُ ما في سند الحديث من علل)
ثانيًا: من العِلَلِ في الحديث ما وقع في رواية أبي أحمد بشر بن مطر الواسِطيِّ، عن سُفيان (فذكره) موقوفًا على عبداللَّه بن عَمرو قوله، والصَّواب رفعه.
قال ابن ناصرالدِّين: ((ومن العِلَلِ في الحديث: تعارضُ الرَّفعِ والوقفِ، وقد اختُلِفَ في الحُكمِ في تعارُضِ الوَصْل والإرْسَالِ، والرَّفعِ والوَقفِ.
فعلى الصَّحيح المُختار الذي عليه الفُقهاءُ والمُحقِّقونَ من المُحدَّثينَ وأصحابِ الأُصُولِ: أنَّ الحُكم لمن وَصَل أو رفَعَ إذا كان ثقةً؛ لأنَّ ذلك زيادةُ ثقةٍ: على من لم يروها فتُقبل.
وهذا الحديثُ رواه أبو أحمد بِشْر بن مطر الواسِطيُّ، عن سُفيان بن عُيينة (فذكرهُ) موقوفًا على عبداللَّه بن عَمرو قوله.
أبو أحمد بشر بن مطر الواسطي
(عن)
سُفيان بن عُيينة
(عن)
عمرو بن دينار
(عن)
أبي قابوس
(عن)
عبداللَّه بن عمرو
(موقوفًا)
والحكم لمن رفع الحديث لوجوهٍ:
ـ منها: أنَّها زيادةُ ثقةٍ فتُقبل.
ـ ومنها: أنَّ الذي وقفه واحدٌ، والَّذي رفعه جماعةٌ.
ـ ومنها: أنَّ حال من وقفه وهو بشر بن مطر لا يُقاومُ حال من رفعه من أصحاب سُفيان: كأحمد بن حنبل، ومُسدَّد بن مُسرهد، وأبي بكر بن
أبي شيبة، وأضرابهم)).
تم هذا المجلس وإلى لقاء قادم بإذن الله (تعالى).
وكتب/ محبكم يحيى العدل.
ـ[يحيى العدل]ــــــــ[27 - 02 - 03, 06:13 م]ـ
في يوم الخميس التاسع عشر من ذي الحجة لسنة ثلاث وعشرين وأربعمئة وألأف للهجرة الشريفة.
(تتمات ذكرُ ما في الحديث من علل)
ثالثًا: قال الرَّامهُرمُزيُّ: حدَّثنا أبي، ثنا عبداللَّه بن مُحمَّد الزُّهريُّ، ثنا سُفيان بن عُيينة، عن عَمرو بن دينار، عن عَمرو بن أوس، عن عبداللَّه بن عَمرو، قال: قال رسُول اللَّه (صلى الله عليه وسلم): "الرَّاحمُونَ يرحمُهُم اللَّهُ فَارحَمُوا من في الأرْضِ يرْحمْكُم من في السَّماءِ".
عبداللَّه بن مُحمَّد الزهري
(عن)
سُفيان بن عُيينة
(عن)
عمرو بن دينار
(عن)
عمرو بن أوس
(عن)
عبداللَّه بن عمرو
قال ابن ناصرالدِّين: ((عَمرو بن أوس بن أبي أوس الثَّقفيُّ المكِّيُّ تابعيٌّ، وأبوه صحابيٌّ، مشهُوران، ولا مدخل لعمرو بن أوس في هذا الحديث. واللَّه أعلم.
وقد تفرَّد بذكر عَمرو بن أوس إسنادًا، وبذكر اسم ((اللَّه)) بدل اسمه ((الرَّحمن)) متنًا: عبداللَّه بن مُحمَّد بن عبدالرَّحمن بن المِسور بن مخرمة الزُّهري، عن سُفيان بن عُيينة، دون بقية أصحابه.
والصَّواب ما رويناه أولاً عن سُفيان، عن عَمرو بن دينار، عن أبي قابُوس)).
فهُو من هذا الوجه معلولٌ من جهة إسناده ومن جهة متنه:
وإن كان من المُمكن أن يُقال: إنَّ ما ذُكر في المتن علَّة غيرُ قادحةٍ؛ لكون المعنى مُتقاربٌ، لكنَّ المُتأمِّل يعلمُ أنَّ في ذكر الرَّحمن خصُوصيةٌ ومُناسبةٌ، فلزِمَ إجراءُ اللَّفظ على ظاهره المحفُوظُ.
وإلى لقاء قادم في المجلس الرابع والعشرين بإذن الله (تعالى).
وكتب / محبكم يحيى العدل.
¥