تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

زاره صباحا واستجازه وحادثه، وفي المساء بلغه نعيه رحمه الله تعالى.

وفي هذه الفترة – وهو ابن 17 عاما فقط – خرج في مظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي، فاعتقل وضرب بالسياط، ثم فكه الله تعالى. وكان يشارك في خلايا الحركة الوطنية الأولى، وينشر الوعي في أوساط المجتمع ضد الاستعمار وأطماعه.

وفي عام 1352 زار رفقة والده الشام، والتقى بعمه شيخ علمائها محمد المكي الكتاني وبقية علماء الشام. ومنها ذهب إلى مصر ومكث يدرس بها بالأزهر مدة من عامين؛ أخذ فيهما عن عدد من أعلامها؛ كمفتي مصر الإمام محمد بخيت المطيعي الحنفي، والعلامة الكبير محمد بن أحمد أبو زهرة، وحافظها أحمد بن محمد شاكر، ومسندها أحمد بن رافع الطهطاوي، واستفاد كثيرا من صديقه وشيخه الإمام الحافظ الصاعقة الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري خاصة في علم الحديث، وصارت بينهما محبة ومودة تامة، زيادة على المشيخة. وأخذ بمصر كذلك عن مشاهير علمائها، والتقى بالإمام المصلح حسن البنا. ثم عاد إلى المغرب، واشتغل بالدراسة والتدريس والإصلاح الاجتماعي والسياسي.

وبعد تمكنه من فقه المالكية؛ اتجه إلى فقه الظاهرية مطالعة وبحثا ونقدا، ودرس محلى ابن حزم في مدة من اثنتي عشرة عاما جرد فيها مسائله جردا، وبحثها واستخرج عللها وقارنها بالمذاهب الأخرى، وكان شيخاه في هذه المرحلة: ابن عمه الإمام المجاهد البحاثة محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني، والعلامة ابن عبد السلام السائح الرباطي.

وكانت له حافظة قوية وذهن وقاد، بحيث ذكر عن نفسه – كما أخبرني بذلك شقيقي الشيخ الحسن الكتاني عنه – أنه قال: ((لقد رزقني الله تعالى حافظة ما أودعتها شيئا ونسيته)).

وفي عام 1362/ 1942 أسس حزب الخلافة، وانضم إليه في حزبه صديقه وشيخه الشيخ أحمد ابن الصديق الغماري بطريقته الصديقية الدرقاوية، وحاول إحياء الجهاد المسلح ضد الاستعمار ين الفرنسي والإسباني مستطاعه، وجمع الناس وألقى خطابات فيهم، يقطع المغرب من أقصاه إلى أقصاه من أجل ذلك ...

وقد بنى فكرة هذا الحزب على إحياء الخلافة الإسلامية في المغرب، وطرد الاستعمار، وتحكيم الشريعة الإسلامية، وضمن أفكاره في كتاب "فتية طارق والغافقي" الذي طبع بدار إدريس ببيروت حدود عام 1975، والذي يعد مشروعا متكاملا لنظام الدولة الإسلامية.

غير أن حركته لم يكتب لها النجاح بسبب ما عانته من محاربة ما يسمى بالحركات الوطنية الأخرى التي كانت تشي به وشايات كاذبة إلى الملك محمد الخامس، فاضطر إلى حل حزبه وإدماجه في حزب الشورى والاستقلال عام 1370/ 1950، غير أن أفكاره لم تفشل؛ فقد أحياها على أرض الواقع كما يأتي لاحقا.

واستمر في حياته العلمية والثقافية؛ فأسس ودرس في عدة مدارس بفاس وسلا وطنجة، وشغل مديرا لبعضها، كذلك، ودرس العلوم الشرعية والفكر الإسلامي في مختلف مساجد المغرب الكبيرة، وعمل فقيها ضابطا بمحكمة الاستئناف الشرعي العليا بالرباط، وأستاذا للفقه المالكي والحضارة الإسلامية بمعهد الدراسات المغربية العليا في قسم الحقوق بالرباط.

واشتغل أثناء ذلك بالدعوة إلى الله تعالى والتعليم؛ وأسلم على يديه مجموعة من الرهبان واليهود والقسس، وكانت داره مقصدا للمثقفين والمستشرقين منهم خاصة، لما اتسمت به ثقافته من موسوعية وعمق. واستمر أثناء كل ذلك مدرسا في عدة من مساجد المغرب.

هجرته إلى المشرق:

ثم لما ضاقت به الأرض بالمغرب:

وكان ما كان مما لست أذكره فظن شرا ولا تسأل عن الخبر

رحل إلى دمشق الشام عام 1375/ 1955، ليستقبله أهلها وأعلامها بكل حفاوة وتقدير، ودرس في جامعة دمشق التفسير والحديث والفقه المقارن بكلية الشريعة، وعين رئيسا لقسم علوم القرآن والسنة في عموم كليات سوريا، ودرس بجامع دمشق وبمنزله بحي الميدان، وكان مفتيا للمالكية بدمشق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير