تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وابن الجزري حينما فرغ من ذكر أسانيده التي تلقى بها القراءات في كتابه النشر قال: \"فهذا ما تيسر من أسانيدنا للقراءات العشر من الطرق المذكورة، التي أشرنا إليها وجملة ما تحرر عنهم من الطرق بالتقريب نحو ألف طريق – فهي زهاء ألف طريق تجمع كما قال في الطيبة – وهي أصح ما يوجد اليوم في الدنيا وأعلاه لم نذكره فيه إلا من ثبت عندنا أو عند من تقدمنا من أئمتنا عدالته وتحقق لقيه لمن أخذ عنه وصحته معاصرته، وهذا إلزام لم يقع لغيرنا ممن ألف في هذا العلم\". أقول انظروا إلى شرطه فهو كشرط البخاري رحمه الله في كتابه الجامع الصحيح المسند الذي يعرف بصحيح البخاري، فقد اشترط في الرواة الذين نقل عنهم المعاصرة واللقاء لمن روى عنهم، ولذلك فضل على صحيح مسلم كما فضله البعض، ثم قال مبينا جهده في تنقيح ما أورده من روايات في كتابه: \"لم أدع عن هؤلاء الثقات الأثبات حرفاً إلا ذكرته ولا خلفاً إلا أثبته ولا إشكالاً إلا بينته وأوضحته ولا بعيداً إلا قربته ولا مفرقاً إلا جمعته ورتبته منبهاً على ما صح عنهم وشذ وما انفرد به منفرد وفذ ملتزماً التحليل والتصحيح والتضعيف والترجيح معتبراً للمتابعات والشواهد رافعاً إيهام ا!

لترتيب بالعزو المحقق إلى كل واحد جمع طرق بين المشرق والمغرب\".

ولما كان موضوع هذه الندوة هو الإجازات وهي من طرق الأخذ والتحمل، وقد ذكر المحدثون أن طرق الأخذ والتحمل ثمانية وهي باختصار: السماع من لفظ الشيخ، القراءة على الشيخ، الإجازة، المناولة، المكاتبة، الإعلام، الوصية، الوجادة، وتفصيل ذلك في كتب الحديث مذكور. والذي يعني القراء من هذه الأقسام أربعة: السماع من لفظ الشيخ، القراءة على الشيخ، الإجازة، الوجادة.

والإجازة على أقسام:

القسم الأول: أن يعرض الطالب على الشيخ، وهذا أعلى أنواع الإجازة، قالوا لأن الشيخ يلاحظ في كيفية الأداء ما يقرؤه الطالب، فإذا قرأ الطالب على الشيخ واستمع إليه، الشيخ يلاحظ أداء الطالب، فليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته، وهذا ملاحظ ومجرب، ما كل من سمع قارئاً يستطيع أن يحاكيه وأن يؤدي كما يؤدي، فقالوا أن هذا أول الأقسام، فمتى ما تلقى الطالب على الشيخ بهذه الطريقة فإنه يجيزه. فإذا أتم الطالب القراءة على الشيخ بهذه وكان متقناً ضابطاً أجازها الشيخ. وصيغة الإجازة أن يقول الشيخ: أجزت الطالب أن يقرئ بما قرأ به علي، ويقول الطالب عند الأداء: قرأت على فلان. هذا هو القسم الأول وهو أفضلها.

القسم الثاني: السماع من لفظ الشيخ، بأن يقرأ الشيخ والطالب يسمع، الطالب يسمع والشيخ يقرأ، وهذه هي الدرجة الثانية، ويقول الشيخ: أجزت الطالب أن يقرأ بما سمع مني، ويقول الطالب عند الأداء: رويت عن فلان سماعاً، فمن تلقى عن الشيوخ بهذين النوعين، وهما العرض والسماع وكان كامل الأهلية لما عرض وسمع جاز له أن يقرأ وإلا فلا.

قال ابن الجزري رحمه الله تعالى: \"ولا يجوز أن يقرئ إلا بما سمع أو قرأ، فإن قرأ الحروف المختلف فيها أو سمعها فلا خلاف في جواز إقرائه القرآن العظيم بشرط أن يكون ذاكراً كيفية تلاوته به حال تلقيه من شيخه\". وأعلى ما يكتب للمجاز الإذن والأهلية، فيقول الشيخ للطالب الذي أجازه أن يأذن له ويذكر أهليته لذلك، ثم الإجازة والأهلية، ثم الإذن مجرداً، ثم الإجازة مجرداً، هذا ترتيبها في إعطاء الشيخ الطالب الإجازة. ويجوز له أن يقول:أجزت له أن يقرئ بكذا عند تأهله لذلك، وهذا كما قلت إذا علم أهلية الطالب لذلك.

القسم الثالث: إذن الشيخ للطالب في الرواية عنه مروياته التي لم يقرأها عليه ولم يسمعها منه، وفي جواز الرواية بها خلاف بين العلماء، فأبطلها جماعة من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول، قال القسطلاني بعد تقريره العمل بها عند المحدثين: \"وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءة، الظاهر نعم، قال ابن الجزري: \"جوز العمل بها مطلقاً .. \"

الحاصل أن الإجازة من الشيخ إلى الطالب الذي لم يقرأ عليها منعها القراء إلا بشرط وهو أن يكون الطالب ذا أهلية وعلم الشيخ أهليته، وقد كاتب ابن الجزري بعض العلماء بالشام ومصر في أخذ الإجازة له ولأبنائه فأجازوه مع أنه لم يقرأ عليه ولكن لكمال أهليته وعلمهم بمكانته ومكانة من طلب له الإجازة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير