وعليه، فكلامك عن عدم إدخالك في الإجازة سوى ذرية المفتي حسين الحبشي لا يُسلَّم لك، وأظنك لا تخالف الآن أن الصواب معي في هذه النقطة إن شاء الله.
وبتحقق المراد ننتقل إلى النقطة التالية:
ثانيا: ما يتعلق بالسيدة علوية الحبشي.
قلت وفقك الله بعد جملة اعتراضات على شيخنا العقيل في عدم التثبت من شأن السيدة علوية: "فكيف لم يتحقق من سنها وإدراكها عصر الخطيب، مع أن مولدها كما حققته كان قطعا بعد سنة 1348، وتقدم معنا أن أبا النصر توفي سنة 1324هـ.
والى الإخوة القراء شيئا من التعريف بالشريفة علوية المذكورة، أسرتها، فهي: علوية بنت عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن حسين بن جعفر بن الإمام أحمد بن زين الحبشي، ولدت في سيون بعد سنة 1348، وهي سنة مولد أخيها السيد أبي بكر".
ثم نقلت كلاماً آخر، وقلتَ: "وزوجها هو السيد الفاضل عبدالله ابن الحبيب المنيب باني المساجد وعامرها معنى وحقيقة حسين بن عبدالله عيديد، صاحب المولد السنوي الذي يقام بجوار ضريحه ومنزله المشهور في سيون والمسمى (عيديد) نسبة إليه. ولها منه أبناء. والشريفة المذكورة الآن في منتصف السبعينات من العمر، ولا نعلم من المعمرات من الشرائف من بني علوي من جاوز المائة، أو قاربها، وربما يوجد ولكني لا أعلم أحدا .. ". الخ.
وقلتَ: " لقد أثارت رواية مجيزي العلامة الشيخ ابن عقيل عجبي، وعجبت أكثر من الأخ التكلة، حيث تعجل الأمر، ولم يتوثق من سن الشريفة، وصلوحية سنها للتحمل عن أبي النصر الخطيب". الخ.
أقول: يؤسفني جداً أنك خالفتَ ما دعوتَ إليه من تثبّت وروية، وتقحّمتَ بالظن المجرد، ثم ألزمتني بظنك أكثر من مرة! فالسيدة علوية التي تتكلم عنها لا أعرف عنها شيئا البتة إلا ما ذكرتَه أنت! وليست هي السيدة المعمرة التي استجزتُ منها، وأقول بكل ثقة: أنت تتكلم عن امرأة أخرى يا أخي!
هذه التي أخذتُ منها اسمها علوية بنت عبد الرحمن بن زين الحبشي، وهي زوجة عبد الرحمن العيدروس، وهي جدة عَدْني صاحب الساعات المشهور في سيؤون، وابنُها أبوبكر، وهو كتب لي نسبه ونسب أمه بخطه، وأخبرني أن مولده سنة 1358، وليس بأكبر أبنائها، بل من إخوانه قبله من توفي، فكيف يكون هو وإخوانه الأسن منه أبناء امرأة وُلدت قطعاً بعد 1348 على تحقيقك؟
ثم اتهامك لي بأني لم أتثبت غير صحيح، فما كنتُ لأسافر وأعاني عبثاً دون أن أحقق وأدقق، فأول ما عَلمنا بها سمعنا أن عمرها مائة وعشرين، والبعض يقول جازت المائة يقينا، ولم ألتفت لذلك كله حتى زرناها في بيتها قرب حي الشيشان في سيؤون مع الأخ محمد بن علي، وأخوانه، وعمهم السيد محمد بن عبدالقادر، فسألناها، وسمعتها تقول إنها أكملت سبعاً وتسعين سنة، كرَّرَتْ ذلك غير مرة، وأحد من سألها السيد محمد بن عبد القادر بنفسه، فتيقنتُ بذلك أنها أدركتْ حياة السيد أبا النصر، ودخلت في إجازته.
على كل حال، فقد كان بإمكانك التأكد من آل المنصب ما دمت عرفت أنهم كانوا معي، ولا أدري ما منعك من ذلك؟
أما قولك إنها في السبعينات من عمرها وأنها على قيد الحياة فليس صحيحا كذلك، فقد بلغني من غير واحد أنها توفيت منذ سنوات، ولما ذهب شيخنا المحدّث سعد بن عبد الله الحميّد في الصيف الماضي (سنة 1426) إلى حضرموت للدعوة؛ حدّثني أنه سأل عنها، فقالوا له أنها توفيت منذ ثلاث سنوات تقريبا، فتكون قد توفيت سنة 1423 غالباً، فتكون أتمت مائة سنة، رحمها الله رحمة واسعة.
وربما يعجب القارئ العادي أن تفوت مثل هذه المعلومات على رجل متخصص من أهل البلد ويعرفها الغريب عنها، أما العارف فيعلم أن الباحث الرحّال المتوسع المعتني المدقق يحصل منه مثل ذلك من الإغراب، بل رأيتُه حصل مع غيري من المحصّلين في زماننا، مثل صالح العصيمي وفقه الله، حيث أغرب علينا في الشام ببعض المعلومات عن مشايخها، وأغرب هو والشيخ صلاح الشلاحي في الهند على أهلها، وبعض ذلك ثبت لديّ شخصيا أنه كما ظهر لهما، وأظن أن الشيخ باذيب لتوسعه لا بدّ أن عنده اكتشافات للمشايخ لم يُسبق إليها، (وفوق كل ذي علم عليم).
على كل حال، أظن الأخ الشيخ باذيب بعد هذا سيسهل عليه الوصول لأهل هذه السيدة، ولن يخلو موضوعه من فائدة إن شاء الله، فليته يحدد لنا بالضبط تاريخ وفاتها، وتاريخ وفاة السيد محضار كذلك، وإني شاكرٌ له ذلك إن فعل، وجزاه الله خيرا.
¥