تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن يأتي وقد ضرب هذا، .. وشتم هذا .. ، وأكل مال هذا .. الحديث، وكلنا نعرفه وليس والله ما أكتبه لزيادة معلوم بل لإحضاره في قلب نفسي ومن أكتب بمقْرَإ منه (إن جاز التعبير)، وهذا الحضور هو معنى الذكر والتذكر وأما حركة اللسان فهي قول ولا تسمى ذكراً إلا بقيد نسبتها إلى اللسان فيقال (الذكر اللساني)

يا إخواني ..

الحاصل أن هذا هو ما خشيت أن يكون (والسبب في ذلك واعذروني تقدم سوابق غير مجهولة من معارك يلتقي فيها المؤمنان بالله ورسوله ولقائه لا بسيفيهما بل بلسانَيهما .. وعن الذي يقع لا تسل .. ، فإن وقع اللسان لربما فاق وقع الأسَل، أقبل الله تعالى بجميعنا عليه، ولا سلبنا عافيته ومغفرته بغفلتنا عنه وتفريطنا فيما أمرنا به من تقواه وإصلاح ذات بيننا، واستسهالنا بفساد ذات البين الحالقة للدين لا للشعر كما أخبر سيد البشر صلى الله عليه وسلم)

ولكن الله عزوجل كان أبر وأرحم وأكرم فإنني لما شرعت في قراءة الموضوع الأصلي وجدت كاتبه قد حرص على التماسك وضبط النفس في أمر يشق عليها، ويظهر تأثره منه .. فهذا درس عملي في أدب الخلاف والحوار: ضبط النفس وكظم الغيظ وحبس الانفعالات البركانية المتفجرة التي لا نزال نرى الشيطان يستزل أهلها ببعض ما كسبوا فيبدونه على الأشهاد ولا يكتمونه سهَّل عليهم ذلك (الاحتجاب البصري) مع جزمهم الذهني بوجود المحجوب ... سددنا الله وإياهم.

أما التفاصيل في الموضوع الأصلي فقد كانت الصورة تنحو إلى العرض العلمي وهذا أنفع ما يكون العلم (معرفة الشيء ونقله كما هو في الواقع) .. بحيث إن القارئ له تتكون فيه قناعة وإن لم تكن (فما كل حمل يتم)

ولولا ما بين الشيخ زياد جزاه الله خيراً لتم الاقتناع، ولكنه جاء بزيادة علم وبيَّن أنَّ ما أثبتَه هو غير ما نفاه صاحبُه _ سددهما الله تعالى وألف بينهما على الهدى_.

فعلى البراءة الأصلية والقرائن الإجمالية بقبول خبر الرجلين يكون الأمر على هذا، وليس الظاهر إلا ذلك، والله يتولى الله السرائر وهو على لسان كل امرئ وقلبه القائم على كل نفس بما كسبت ..

فهذا فيما يخصُّ ما بين الأخوين المفيدَين النابغتين الرحالَين الجوالَين الدائبين على هذه الصناعة العارفين بأغوارها بخلاف أغمارها المسلِّطين عليها شانئيها ..

فنسأل الله تعالى أن يكون ما بينه الأخ زياد جامعاً لكلمة الأخوين مغلقاً لباب المراء، وإن كان باب الجدال بالتي هي أحسن لا يغلق، وكيف يغلق باب فتحه الله ورسوله، والفرقان بين المراء والجدال بالتي هي أحسن، أن الجدال من جنس القول فالذي هو أحسن منه هو ما كان من الأقوال الجدلية على ما يحبه الله ورسوله وهو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجدال فإنه كان أبلغ الناس حجة وأوجزها وأوقها وأحكمها ولم يكن بذياً ولا فاحشاً ولا متفحشاً ولا سخاباً بالأسواق، وأبلغ من هذا ..

لا يجزي بالسيئة السيئة بل .. يعفو ويغفر ..

ولقد قدَّم الأخ زياد (بغضِّ النظر عن الموضوع الذي خاضه) مثالاً عملياً عزيزاً في الجدال بالتي هي أحسن الذي هو ما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو الحوار النافع الذي يغذي العقل بالمعلومات ولا ينغص على النفس بإثارة العداوات والحزازات .. والرعونات.

فلقد والله زاد حسن ظننا بربنا عزوجل أنه يمن بالحلم والسكينة والعقل والإنصاف على رجل شاب في سنه وتوقُّده وعنايته وارتقاء اسمه في الشهرة يعلن على الملأ ما قد يفهمه المتسرعون طعناً وتجريحاً وقدحاً فإذا به _ لمكان لطف الله عزوجل به_ يحمل ما جاء أحسن المحامل الائقة بالمؤمن الغر الكريم المباين للفاجر الخب اللئيم والمنافق الذي يحسب كل صيحة عليه.

ومع حسن الحمل .. أحسن الجواب، ولا جرم فإن من أساء فهماً إساء إجابة.

والحمد لله الذي منَّ عليه بذلك، وعلينا أن أرانا ذلك فيه، زاده الله من فضله، فوالله إنه ليوشك أن تدمع العيون لرؤية تراحم المسلمين وهم على مقربة عدوهم الموتور مع تثوير الشيطان بينهم ما يريد أن يستزلهم به من التراحم الذي أمرهم به الله ورسوله ولا سيما أوقات الشدائد _ كوقتنا_ إلى التراجم الذي لا يأت بخير، وأقصى ما فيه عند العجول: الانتصار للنفس.

وأيش موقع نشوة الانتصار التي لا تدوم حتى يهجم على صاحبها ما ينسيه أن قد مرَّ به نعيم ولذة ونشوة وعزة قط ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير