تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يا إخواني .. العزة بين أيدينا لم ير أهل الأرض العزَّة بعد والله ..

العزة: " هاؤوم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه .. "

إخوتاه ..

الذين بلغو قمة العزة الدنيوية انكفأت بهم صحفتها ونكسوا على رؤوسهم وصاروا أذلة صاغرين .. فيا للمعتبرين، ويا أسفى على المغرورين الغافلين.

يا إخوتي سامحوني على الإطالة عليكم، وغفر الله لي وللشيخ زياد الذي دعا إخوانه للمشاركة.

وأختم بأمرين لا يختص بالأخوَين المتباحثين _ سددهما الله تعالى_ بل يشترك فيه كل معني بالرواية وفنونها ..

أولهما: أن المعول في دخول عموم آل الحبشي على نص إجازة أبي النصر، لأن نصوص الإجازات وألفاظ المجيزين لها من الأهمية ما لألفاظ الواقفين، ولذلك ينبغي على أهل هذه الصناعة أن يعتنوا بتحريرها والوقوف عليها فإن ذلك يعصمهم بإذن الله عزوجل من أخطاء فادحة ..

وإخوانهم الفقهاء كما نراهم في أبواب الوقف والفتاوى المتعلقة بنوازله يعتنون كثيراً بذكر ألفاظ الواقفين وتحريرها كما وقعت منهم، ثم يعتنون كثيراً بتفهمها كما يريد الواقفون، فإذا غُبِّي مراد الواقف واحتمل معاني فلهم أمور يرجحون بها، ومنها ما هو أنفع للموقوف عليهم، استصحاباً للمقصد العام من الواقف، فإنه لما وقف على جهة فقد أحب أن يحصل نفع الوقف لها، ولا سيما أنه أخرجها من ملكه إخراجاً مؤبداً وآثر تلك الجهة على نفسه.

والرواية قد يقال فيها بالاحتياط لأنها مبنية على ذلك ..

ولكن للاحتياط حد _ يبينه الشرع أو العرف أوالعقل_ فإذا جاوز الحدَّ لم يبق له من الاحتياط إلا الاسم لمن وقف عند ظاهرها أو استصحب حكم أصله، وإلا فهو في الحقيقة وسوسة، كما أن المتساهلين يدخلون من معنى الاحتياط تحت اسم الوسوسة ما يدخلون بالهوى تارة وبالجهل أخرى ثم يطرحون ذلك الاحتياط باسم طرح الوسوسة، فما الفيصل؟

الفيصل أحد الثلاثة: الشرع أو العرف أوالعقل، وكلما اتسع علم الشخص بالأول من هذه الثلاثة لم يحتجْ إلى غيره بل الشرع يدل على ما يقع التنازع فيه من جهة العرف والعقل.

لكن الشأن في العلم بالشرع، والعلاقة بمن أنزله! ومدى قيام الإنسان لله بالقسط ولو على نفسه أو الوالدين والأقربين (نسباً أو مذهباً أ, ... ) فإن الظلم من أبلغ موانع الهداية ..

وكلنا نقرأ في الكتاب العزيز:" والله لا يهدي القوم الظالمين) فبقدر ظلم الإنسان لنفسه ولغيره وبعده عن القيام:

1. لله.

2. بالقسط

فإنه يبتعد عن الهداية ويدخل في ضدها وهي الضلال والغواية .. من غير شعور منه بهذا في كثير من الأحوال، فلا تستغربوا يا إخواني من أحوال نبيكم صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعهم بإحسان إذا نزل بهم الأمر كيف يردونه جميعاً حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عزوجل عملاً بقوله: " وما اختلفتم فيه من شيء فحمكه إلى الله .. "

وهذا من أبلغ ألفاظ العموم، وهي قاعدة عقدها الرب عزوجل بنفسه في كتابه فما كان لأحد أن ينقضها، ومن خاطر بنفسها فليجرب كيف ينقض الله أركانه تارة ظاهراً وتارة يأخذه على تخوف ويرد الله تعالى عليه كيده ومكره فلا يزال يكيد نفسه ويمكر بها (وما يمكرون إلا بانفسهم وما يشعرون).

فرغنا من الأمر الأول.

الأمر الثاني: التوكيل في الإجازة وحكم الرواية به أمر لم يغفله أهل العلم بهذا الشأن، ولا هو بخاف على من تتبع ما عندهم وأدمن النظر فيه، وإنما ينبو عنه الفكر لغفلة أو نسيان، وابن آدم خلقه الله ضعيفاً كما أخبر في كتابه، فضعف الغفلة عِيٌ يورث مرض الجهل وهذا يولد الظلم وتدارُك ذلك دلَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقوم تعجلوا بالفتوى في أمر شرعي احتاجوا إليه في الطهارة للصلاة وجنحوا للاحتياط للدين ولم يعلموا أن الذي شرعه رؤوف بالعباد، قال معلم الخير، صلى الله عليه وسلم: " ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال".

وقد قال خِرِّيت هذه الصناعة الحافظ أبوالخير السخاوي في "فتح المغيث" (2: 429_ الطبعة الجديدة) بعدما فرغ من الكلام على تعليق الإجازة بشرط ما لفظه:

((وهل يلتحق بالتعليق بمشيئة المعيَّن الإذنُ له في الإجازة؛ كأن يقول: أذنت لك أن تجيز عني من شئت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير