ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[18 - 05 - 03, 04:56 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، وبارك في علمكم، وأدخلكم جنة الفردوس.
ولكن يبقى لي سؤال:
((هل أشتري الآن طبعة "تاريخ الإسلام" تحقيق عمر تدمري، أو أنتظر الطبعة الجديدة، وهل هي في مرحلة الطبع، ومتى ستنزل الأسواق؟؟)).
ـ[عبدالله الشمراني]ــــــــ[19 - 05 - 03, 02:40 م]ـ
[حول شراء ”تاريخ الإسلام” ط. الحالية]
وهي إجابة مفصلة في منهجية شراء الكتب الكبيرة:
الأخ أحمد المصري:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إنَّ ”تاريخَ الإسلام” للذهبي ـ على أهميته الكبرى ـ كبيرُ الحجم جدًا إذ بلغت مجلداته (52) مجلدًا، وقيمتها تزيد على الألف ريال، وستأخذ من مكتبَتِكَ حجمًا كبيرًا.
ولي رأيٌ خاص في الكتب التي تجمع بين الأهمية وكبر الحجم؛ أذكره لإخواني أعضاء ”ملتقى أهل الحديث”، للفائدة والمناقشة:
أولاً: ضابط الكتب كبيرة الحجم؛ هي التي تزيد مجلداتها عن (25) مجلدًا، وتكون من المراجع الدقيقة (المتخصِّصة)؛ كـ: ”تاريخ الإسلام”، و ”تاريخ دمشق”، و ”الوافي بالوفيات”، و ”تاج العروس”، و ”تهذيب الكمال” ....
وهذه الكتب مكلفة ماديًا، وتأخذ حجمًا كبيرًا في المكتبة، ونحن نعلم أنَّ غالب طلاب العلم يعانون من ضيق المال والمكان.
تنبيه: هناك بعض الكتب الكبيرة، لا تدخل تحت هذا الضابط، ولا يشملها كلامي الآتي؛ لشمولها، وللشدة الحاجة إليها، ولاستفادة طلاب العلم منها على كافة طبقاتهم، وهي مهمة لكل طالب علم؛ ومنها: ”مجموع الفتاوى” لشيخ الإسلام، و ”سير أعلام النبلاء” للذهبي ...
ثانيًا: عدم التسرع في شراء الكتب الكبيرة، إلا بعد المباحثة والمساءلة مع أهل الاختصاص، عن هذه الكتب، وعن مؤلفه، ومنهجه في الكتاب، وما هي الثمرة العلمية لمشتري هذا الكتاب، والتروي في ذلك.
وبعض طلبة العلم (أقصد من لا يتروى ولا يستشير)، يتسرع (ويتكلف) في شراء كتاب يعد مرجعًا لأهل الاختصاص، ويجلس هذا الكتاب في بيته سنوات، ويكون رجوعه إليه مرة أو مرتين، وقد لا يرجع إليه، وهذا حاصل.
ثالثًا: إذا كان الكتاب يطبع مجزَّءًا؛ فلا يتسرع طالب العلم في شرائه، بل ينتظر حتى يخرج كاملاً، فلعله ـ أثناء انتظاره ـ يُفاجأ به مطبوعًا كاملاً، بتحقيقٍ آخر، وقد يكون سعره أقل، وكذلك حجمه.
رابعًا: إذا كان هناك مكتبة عامة قريبة من بيت طالب العلم، فبإمكانه التردد إليها، والاستفادة منها، وتصوير ما يحتاج إليه.
خامسًا: إذا عَلِمَ طالبُ العلم أنَّ هناك طبعة أخرى للكتاب؛ فعليه الانتظار، ولو طويلاً، لأنَّ الطبعة الثانية إذا صدرت، وكانت أجود من الأولى، فسيتحرج في أمر الطبعة الأولى، وكيف سيتصرف بها، وقد أخذت منه مبلغًا كبيرًا؟
سادسًا: كل هذا إذا كان طالب العلم مبتدئًا أو متوسطًا، أما إذا كان طالب علم نشط، وكثير البحث، وله مؤلفات، وتحقيقات، فقد يلجأ إلى شراء الكتب الكبيرة؛ كـ ”تاريخ الإسلام”، و ”تاريخ دمشق”، مع علمه برداءة المطبوع منها، ولكن الحاجة وراء ذلك، ومن الصعب الانتظار حتى صدور الطبعة الثانية، ومن الصعب أيضًا التردد على المكتبات العامة والخاصة للتصوير أو الاستعارة، وهو بحاجة إلي الكتاب بشكل يومي، ويمكن الاحتياج إليه في أي لحظة، ثم إنَّ التصحيفات والتحريفات الواقعة في المطبوع قد لا تخفى عليه. أما الضرر المالي الواقع عليه بعد خروج الطبعة الكاملة، والتي قد تكون أصح وأفضل مما عنده، فهو ضرر لا بد منه.
سابعًا: غالب ما يقال حول بعض المصادر الكبيرة والمتخصصة، من أنَّها ستطبع كاملة، وأنَّها ستكون أصح من المطبوع حاليًا، وأنَّ المطبوع حاليًا معتمد على نسخ رديئة، وناقصة، وما سيطبع سيكون كاملاً، وعلى نسخ أقدم، وأفضل، و ...
أقول: غالب ما يقال في هذا الباب، فهو من قبيل الإشاعات، ويراد به ـ أحيانًا ـ الإضرار بالطبعة الأولى وصاحبها. ولا أقصد في كلامي هذا أحدًا، ولكن منذ زمن طويل ونحن نسمع أنَّ ”التمهيد” لابن عبدالبر، و ”تاريخ الإسلام” للذهبي، و ”تاريخ دمشق” لابن عساكر، أنَّها ستطبع محقَّقة تحقيقًا علميًّا، ولم نرَ شيئًا إلى اليوم. وقد اشترينا ”تاريخ الإسلام” بتحقيق التدمري، و ”تاريخ دمشق” بتحقيق العمروي منذ سنوات، وكنا نشتريها مجزءةً، حتى اكتملت، واستفدنا منه فوائد لا تحصى، وما زلنا بانتظار ما أُعلن عنه من سنيين، ووالله إنَّنا لنحمد الله ـ تعالى ـ على شراء هذين الكتابين (على ما فيهما)، ونحمد الله ـ تعالى ـ أنَّنا ما انتظرنا ما كنا سمع.
خلاصة كلامي: أنَّ طالب العلم إذا كان مبتدئيًا، أو متوسطًا؛ فعليه بـ: (ثانيًا)، و (ثالثًا)، و (رابعًا)، و (خامسًا).
أما إذا كان طالب علم نشط، وباحث، ومحقِّق، فعليه ـ لزامًا ـ بـ (سادسًا).
ويستثنى من كلامي هذا طالب العلم الذي أغناه الله، ويسَّر عليه، وعنده سعة في المال، والمكان؛ فقد لا يحتاج إلى كل هذه التوجيهات.
وبالله التوفيق ...