تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المستشار]ــــــــ[26 - 05 - 05, 01:40 ص]ـ

يُعَدُّ الحكم على الأشياء فرعٌ عن تصوُّر الأشياء، ومعرفة كُنهها على وجهٍ دقيقٍ، ولا يُتَصوَّر حكمًا سليمًا على أساسٍ فاسدٍ، أو تصوُّرٍ ناقصٍ مبتور.

ولذا كان على الحاكم النظر والتروي والبحث خلف المحكوم عليه، للوقوف على حقيقة الأمور وتصورها، ومن ثم إصابة الهدف في الحكم إن شاء الله عز جل.

والنُّسخ الخطية تتفاوت فيما بينها، من حيث الوضوح، أو كثرة المطموسات فيها، وبعض هذه النسخ الخطية يُعَدُّ نشره من قبيل المعجزات.

وكنتُ قرأتُ في مقال نُشِرَ في إحدى المجلات التراثية عن أحد الأعمال أنه من جنس المعجزات؛ بسبب صعوبة نسخته الخطية جدًا حسبما وصفها الكاتب.

وهذا بلاشك يفيد في الوقوف على كُنْه وإمكانيات المحقق والناشر، وضرورة النظر في ذلك عند المحاكمة لهم في عملهم هذا.

كما وأن بعض المخطوطات تكون سهلة يسيرة في يد الباحث، فلابد أيضًا من وضع ذلك في الحسبان عند محاكمة مخرج مثل هذه المخطوطات السهلة إذا لم يُحسن إخراجها، أو أساء إليها.

ومن هنا تظهر قيمة إبراز تراث المسلمين للناس كافة، سواء في الأزهرية أو غيرها؛ لأنه سيكون عاملا فاعلا، وضلعًا أكيدًا في قضية محاكمة الأعمال، والوقوف على جودتها ودقتها، كما سيكون حكمًا عادلا في مصداقية العاملين.

وللحديث تتمة تأتي بعدُ إن شاء الله تعالى.

ـ[المستشار]ــــــــ[27 - 05 - 05, 05:54 م]ـ

الأمة الإسلامية هي وحدها صاحبة الحق في اختيار ما تأخذ وتدع من تراثها؛ لأنها هي المالكة الوحيدة له، ولا ينازعها أحدٌ في هذه الملكية، كما وأنها مجتمعة تشترك في هذا الحق، وليس لفئة أن تحجب بقيتها، أو أن تنزع الحق من باقي الأمة.

بعض المحققين ربما تعدَّى حَدَّهُ وألزم جميع الأمة برأيه ومذهبه، وربما كان مخالفًا للحقيقة، أو على غير الصواب، فتجني الأمة ثمار مخالفته دهرًا طويلا، حتى يمن الله عليها بمن ينقذها ويفك أسارها، ويعيد لها حقها المسلوب منها على يد بعض أبنائها.

وفي نشر النسخ الخطية بين الناس، وشهرة هذا العمل، وتداوله، سواءٌ في الأزهرية أو غيرها من المكتبات؛ في هذا كله ما يحفظ للأمة حقها، ويعيد لها كرامتها؛ لأنها ستجد والإمكانية على المراجعة والبحث في تراثها في أي وقتٍ ولأي غرضٍ، ولن تنتظر عطف بعض المحققين حتى يخرج لها مكنون تراثها، ولا شفقة بعض الناشرين ليخرج لها بعض الكتب المتخصصة التي لا تعود بربجٍ!!

كما لن تنتظر الجادين من المحققين والناشرين الذين لا يملكون إلا جهدهم، فيخرجون الشيء تلو الشيء.

ولكنها ستملك أمرها بيدها، وستتولى زمام نفسها؛ لوجود النسخ الخطية بين أيديها، وإمكانية المراجعة والبحث والتحري.

خاصةً وأن بذور التملُّص من التراث وتغييره قد بدتْ، بل تفشَّتْ وانتشرت.

ولا يعني إفساد التراث وتغييره: أن يخرج محرفًا أو مشوهًا من قِبَلِ بعضهم لعجزه فقط؛ بل يتعدَّى ذلك ليشمل إخراج بعض المحققين للكتب، والتعدِّي على الأمة وتراثها، بحجة اختيار أصح النُّسخ الخطية لاعتمادها، وترك الفروقات ((الهامشية)) أو ((التي لا قيمة لها))، وربما كانت لهذه الفروقات قيمتها، وربما كان ((الهامشي)) ما أثبتَه هذا النحرير!!

فليس من حقِّ أحدٍ أن يقرر ((المهم)) من ((الهامشي)) من دون الأمة المسلمة صاحبة الحق الأول والأخير في هذا التراث.

وعلى ((مخرج التراث)) أن يخرجه كما هو، بحلوه ومُرِّه، ولا يسلب التراث حقَّه في الخروج كما هو، كما ولا يسلب الأمة حقَّها في تقدير ما يصلح وما لا يصلح، أو تحرير المهم وغير المهم من سطور تراثها وألفاظه.

في الجعبة عشرات بل مئات الأمثلة مما خرج على غير وجهه، وغَيَّرَه محققٌ قادرٌ على البحث لو أراد، أو ناشرٌ قادرٌ على التروي والتريث لو أعطى الفرصة لنفسِه، كما وفي الجعبة الكثير من تغييرات غير القادرين على التمام من المحققين والناشرين على السواء.

بل ربما رأينا بعضهم يقول: (كانت في الأصل كذا والصواب كذا) وتراه يؤكد على ذلك بما لا يدع عندك بابًا من أبواب البحث أو التفتيش خلفه، فما تلبث الأيام أن تدلنا على عكس ما غرر بنا هذا المتفرِّد بالرأي من دوننا!

ولن أذكر أمثلةً على هذا وغيره، لأنها أشهر من التمثيل بها، ولكن لننظر ماذا جنَتِ الأمة المسلوبة الحق من جرَّاء فتح هذا الباب، من العبث بتراثنا، بحجة ((اختيار أهم الفروقات)) أو ((التلفيق بين النسخ وطرح غير الهام منها)) أو ((الاعتماد على بعض النُّسخ الخطية المتاحة دون بعضها الأيسر إتاحةً من سابقة)).

والقصةُ تبدأ حين زعم البعض اختيار أهم النسخ للاعتماد عليها، ثم مرَّتْ بزعم آخرين اختيار أهم الفروقات أثناء التحقيق لإثباتها، حتى وصلتْ في نهاية المطاف إلى ((التلفيق بين النُّسَخ، وطرح ما لا قيمة له)).

وهذا كله يُحَدِّده آحادٌ من الأمة، ويقوم به رجالٌ منها، أما البقية الباقية من الأمة المسلمة المسلوبة الحق، فعليها التسليم والرضى والتصفيق، وليس من حقِّها ((الشجب، أو الاستنكار، أو حتى مجرد الإدانة))!

فلاشك أن بذل النُّسخ الخطية التراثية في المكتبة الأزهرية بهذا الشكل الحالي، سيكون بادرة خيرٍ على اقتداء الآخرين بهذا العمل، والذي من شأْنه أن يخوِّل الأمة بإمكانية البحث والتفتيش خلف المحققين، وأن يُعيد إليها حقّها المسلوب و ((حريتها في اختيار المهم من غير المهم)) ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير