تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* ومن الانتقال نوع يسميه البعض "الاقتضاب"وهو الانتقال مما افتتح به الكلام إلى المقصود من غير مناسبة0 وأدخلوا فيه قول: "أما بعد" كأن يقول المتكلم بعد حمد الله: أما بعد، فإني قد فعلت كذا وكذا0 والواقع أن هذا يسمى "فصل الخطاب " (انظر: فصل الخطاب)

* ومن الاقتضاب أيضا الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بكلمة "هذا "وهو بهذا المعنى يقرب من حسن التخلص أو براعته ولذلك، فإني سأذكره فيه (انظر: براعة التخلص)

براعة التخلص:

يقال له: التخلص، وحسن التخلص، وحسن الانتقال، وتعريفه كما ذكر السيوطي: هو أن ينتقل المتكلم مما ابتدأ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسا دقيق المعنى، بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول، إلا وقد وقع عليه الثاني لشدة الالتئام بينهما0

ومثاله قوله تعالى حاكيا قول إبراهيم عليه السلام: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} (الشعراء:87) ثم تخلص منه إلى وصف المعاد بقوله: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ} (الشعراء:88) ويقال له أيضا: "حسن التخلص" ويعبر عنه بذلك من المفسرين كثيرا أبو السعود، والآلوسى0

الفرق بين التخلص والاستطراد:

والفرق بينهما أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية وأقبلت على ما تخلصت إليه، وأما في الاستطراد فإنك تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا سريعا، ثم تتركه إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده، وإنما عرض عروضا (انظر: الاستطراد)

ويقرب من حسن التخلص أو براعته أمران:

1 - الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بكلمة " هذا " كما في قوله تعالى: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} (سورة ص:49) فقد انتقل للحديث عن المتقين بعد الحديث عن الأنبياء فاصلا بين الحديثين بكلمة " هذا " ثم انتقل للحديث عن أهل النار على نفس الطريقة في الانتقال فقال: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} (سورة ص:55) ويسمى " الاقتضاب " (انظره في: الانتقال)

2 - براعة المطلب، ويقال له: حسن المطلب، وهو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدمة الوسيلة، كما في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:5) حيث قدم تعظيم الممدوح على الطلب، ويقال له: براعة الطلب0

* خواتم السور:

ويمضى على نسق حسن الابتداء في الحُسن، "حُسْنُ الانتهاء":

وهو أن تختم السورة بما يحسن السكوت عليه، لأنه غاية ما ينتهي السامع إليه.

وقيل: هو أنْ يجعلَ المتكلِّمُ آخرَ كلامه، عذبَ اللفظِ، حسَنَ السبكِ، صحيحَ المعنَى، مشعراً بالتمامِ.

وعرفه النويري في "نهاية الأرب" وقد سماه "براعة المقطع" فقال:

هو أن يكون آخر الكلام الذي يقف عليه المترسل أو الخطيب أو الشاعر مستعذبا حسنا، لتبقى لذته في الأسماع.

ويستخدمه بهذا التعبير " براعة المقطع" كثيرا ابن عاشور في تفسير "التحرير والتنوير"

** و [حسن الانتهاء، براعة المقطع، حسن الختام، براعة الختام] كلها مصطلحات معبر بها عن خواتم السور أي ما اختم الله عز وجل به كل سورة من سور كتابه الكريم، وهي مثل الفواتح الحسن لأنها أخر ما يقرع الأ سماع، ولهذا جاءت متضمنة المعاني البديعة، مع إيذان السامع بانتهاء الكلام، حتى لا يبقى معه للنفوس تشوف إلى ما يذكر بعدها، لأنها بين أدعية ووصايا، وفرائض، وتحميد، وتهليل، ومواعظ، ووعد، ووعيد، وغير ذلك0ويظهر ذلك لمن تأمل ببصيرة واعية موفقة بتوفيق الله.

وقد اختتم الله عز وجل قرآنه المنزل بقوله: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} (البقرة:281) إنها غاية في الحسن والروعة، وهي أنسب ما يختم به القرآن من جهة النزول، كما أن المعوذتين هما أنسب ما يختم به المصحف الشريف لتضمنهما الاستعاذة تطفئ نار حسد الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم على نعمة القرآن، ولتحصل الاستعاذة عند بدء القرآن، واختتامه أيضا، تماما كما كان التناسب في افتتاح نزوله بسورة "اقرأ "لما تضمنه من الأمر بالقراءة، والبداءة باسم الله، والإشارة إلى الوحدانية، وعلم الأحكام وغير ذلك، ولذا قيل: إنها جديرة بأن تدعى: "عنوان القرآن "وقد أفضت في بيان ذلك كله عند الحديث عن المناسبة0 (انظر: المناسبة)

فائدة:

قال القزويني في الإيضاح:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير