ـ[أم الأشبال]ــــــــ[17 Nov 2008, 01:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
قال تعالى:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص:14).
{ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} (النجم:6)
ورد في تفسير الجلالين:
" (ذو مرة) قوة وشدة أو منظر حسن أي جبريل عليه السلام "
قال ابن كثير:
" وقال هاهنا: {ذُو مِرَّةٍ} أي: ذو قوة. قاله مجاهد، والحسن، وابن زيد. وقال ابن عباس: ذو منظر حسن.
وقال قتادة: ذو خَلْق طويل حسن.
ولا منافاة بين القولين؛ فإنه، عليه السلام، ذو منظر حسن، وقوة شديدة."
فأنبياء الله تعالى يمن عليهم ربهم بصفات يؤيدهم بها ويقويهم ومنها الصفات السابقة، فموسى عليه السلام كان قويا وجميلا أيضا كما يظهر.
قال تعالى:
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الفتح:29).
فالاستواء في حق موسى عليه السلام معين على إغاظة فرعون المتكبر المتجبر، ومع ذلك ماذا قال:
{أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (الزخرف:52).
أما يوسف عليه السلام.
فقد قال تعالى:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (يوسف:22).
فما تعني (أشده)؟
قال ابن كثير:
"وقوله: {وَلَمَّا بَلَغَ} أي: يوسف عليه السلام {أَشُدَّهُ} أي: استكمل عقله (8) وتم خلقه. {آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} يعني: النبوة، إنه حباه بها بين أولئك الأقوام، {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} أي: إنه كان محسنًا في عمله، عاملا بطاعة ربه تعالى.
وقد اختُلِف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون. وعن ابن عباس: بضع وثلاثون. وقال الضحاك: عشرون. وقال الحسن: أربعون سنة. وقال عكرمة: خمس وعشرون سنة. وقال السدي: ثلاثون سنة. وقال سعيد بن جبير: ثمانية عشرة سنة." أهـ
ولتركز على قوله:
" وقد اختُلِف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده "
لكن المقصود:
"فلما بلغ أشده وكان من الرجال " أهـ قال هذه العبارة ابن كثير في حق موسى لبيا معنى أنه بلغ أشده.
وقال تعالى:
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}
قال ابن كثير:
" أي: أشده ألما وأعظمه نكالا. "
وهذا يجعلني بغلبة ظن أقول:
أن لفظ استوى في حق موسى عليه السلام، تأكيد (وتنبيه) على القوة التي تفسر قتله لرجل بما يسمى (لكمة) أي ضربة بقبضة اليد.
وليساعد الفتاتان بما لا يقوى عليه إلا مجموعة من الرجال.
أما فيما يخص زوج العزيز وموقف يوسف عليه السلام مما فعلته.
تظهر لنا صورة في قصة موسى عليه السلام.
{وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} (القصص:23).
{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (القصص:24).
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص:26).
{فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (القصص:25).
وفي ذلك عبرة للمتدبرين.
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[17 Nov 2008, 02:22 م]ـ
الأخ الكريم مصطفى:
الاستواء هو اكتمال الحال - كما جاء في مقال نشر في الملتقى للشيخ بسام جرار -
فبلوغ اللحم -على سبيل المثال - النضج لا يعني اكتمال النضج. وعندما يكتمل النضج
يكون استواء.
بلوغ الأشد لا يعني اكتماله لأن حالة الأشد لا تأتي فجأة. هذا وجه.
إذا كان الأشد يتعلق بالجانب المادي فيكون الاكتمال بتمام الانسجام بين الجانب المادي
والمعنوي. ومعلوم أن الفصل غير ممكن. فالقوة الجسدية تكون في أبهى صورها
عندما يعززها قوة الفكرة، والعكس يصح.
¥