تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1ـ محل النزاع بيننا هو الصفة القائمة بذات الله تعالى التي تسمى الكلام، فالمعتزلة ينفون رأسا أن تقوم بذات الله تعالى صفة وجودية اسمها الكلام، وأهل السنة يثبتونها وجودية قائمة بذات الله تعالى واحدة قديمة، والشيخ ابن تيمية يثبتها حادثة متعددة قائمة بذات الله تعالى على حسب مشيئته بناء منه على أنه تعالى يؤثر في ذاته ويوجد فيها أشخاص صفاته، وهذا ما بينت مخالفته لما عليه أهل الاسنة في صدر المقال.

و هذا كلام سقيم جدا! فإن أهل السنة يقولون ان كلام الله تعالى صفة أزلية له , و ما نقلته عن الشيخ تقي الدين كذب و إفتراء بل الذين يقولون ان صفة الكلام حادثة هم الكرامية و قد رد عليهم الشيخ رحمه الله , أما قول الشيخ فهو ان هذه الصفة ذاتية من جهة أزليتها و فعلية من جهة ان الله تعالى يتكلم متى شاء اذا شاء و هذا الذي دل عليه الكتاب و السنة و إجماع سلف الأمة

و رحم اللهُ العلامةَ الحجة المتقدم في سعة العلم و المعرفة و معرفة الخلاف شمس الدين ابن القيم عندما قال:

(قال تعالى: ((إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)) فـ (إذا) تخلص الفعل للإستقبال و (أن) كذلك و (نقول) فعل دال على الحال والاستقبال و (كن) حرفان يسبق أحدهما الآخر. فالذي اقتضته هذه الآية هو الذي في صريح العقول والفطر ... وكذلك قوله: ((ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم)) وإنما قال لهم اسجدوا بعد خلق آدم وتصويره. وكذلك قوله تعالى: ((وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي)) الآيات كلها فكم فيها من برهان يدل على أن التكلم والخطاب وقع في ذلك الوقت. وكذلك قوله: ((فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ)) والذي ناداه هو الذي قال له: ((إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي)). وكذلك قوله: ((وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فيقول)) وقوله: ((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ)) وقوله: ((يوم نقول لجهنم)) الآية ومحال أن يقول سبحانه لجهنم ((هل امتلأت وتقول هل من مزيد)) قبل خلقها ووجودها؟؟. وتأمل نصوص القرآن من أوله إلى آخره، ونصوص السنة ولا سيما أحاديث الشفاعة وحديث المعراج وغيرها كقوله: ((أتدرون ماذا قال ربكم الليلة)) [متفق عليه] وقوله: ((إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة)) وقول: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب)) وقد أخبر الصادق المصدوق أنه يكلم ملائكته في الدنيا فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي، ويكلمهم يوم القيامة ويكلم أنبياءة ورسله وعباده المؤمنين يومئذ، ويكلم أهل الجنة في الجنة ويسلم عليهم في منازلهم إلى أضعاف أضعاف ذلك من نصوص الكتاب و السنة التي إن دفعت دفعت الرسالة بأجمعها، وإن كانت مجازاً كان الوحي كله مجازا وإن كانت من المتشابه كان الوحي كله من المتشابه وإن وجب او ساغ تأويلها على خلاف ظاهرها ساغ تأويل جميع القرآن و السنة على خلاف ظاهره، فإن مجيء هذه النصوص في الكتاب والسنة وظهور معانيها وتعدد انواعها واختلاف مراتبها أظهر من كل ظاهر وأوضح من كل واضح، فكم جهد ما يبلغ التأويل والتحريف والحمل على المجاز؟ هب ان ذلك يمكن في موضع واثنين وثلاثة وعشرة، افيسوغ حمل أكثر من ثلاثة آلاف موضع كلها على المجاز وتأويل الجميع بما يخالف الظاهر؟؟ ولا تستبعد قولنا أكثر من ثلاثة آلاف: فكل آية وكل حديث إلهي وكل حديث فيه اخبار عما قال الله تعالى أو يقول وكل أثر فيه ذلك إذا استقرئت زادت على هذا العدد ويكفي أحاديث الشفاعة وأحاديث الرؤية وأحاديث الحساب وأحاديث تكليم الله لموسى وأحاديث التكلم عند النزول الالهي، وأحاديث التكلم بالوحي، وأحاديث تكليمه للشهداء ..... إذ كل هذا وأمثاله وأضعافه مجازا لا حقيقة له، سبحانك هذا بهتان عظيم!!!، بل نشهدك ونشهد ملائكتك وحملة عرشك وجميع خلقك أنك أحق بهذه الصفة وأولى من كل أحد وأن البحر لو أمده من بعده سبعة أبحر وكانت أشجار الأرض أقلاماً يكتب بها ما تتكلم به لنفدت البحار والأقلام ولم تنفد كلماتك "مختصر الصواعق4/ 1325

أما كلامك عن الحبر: فما ظننت عاقلا يسأل عنه! فهو مخلوق بلا شك وكلام الله الذي يكتب بالحبر غير مخلوق قال الله تعالى: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} و ليس كلامنا عن المداد هنا انما كلامنا عن المكتوب بهذا المداد فأنت تقول انه مخلوق! و نحن نقول انه ليس بمخلوق و من المعلوم ان من قال بأن كلام الله الذي يكتب بالحبر: مخلوق فقد صرّح بخلق القرآن

اما سقوط المناظرة معك: فهي ساقطة بالفعل لأسباب عديدة: أدناها انك لا تفهم مذهب مخالفك أصلا بل لا تعرف مذهبك أو تتوارى خلف العموميات وتترك الأصل و الا لماذا تدور و تدور و لا تريد التبرؤ من مسألة خلق القرآن؟ و قد شهد على ذلك أئمة مذهبك فيما نقلته لك بل شهد أيضا أئمة مذهبنا من أهل السنة على ذلك!

و لا أظن احدا من العقلاء يناقش من لا يفهم مذهبه و مذهب خصمه!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير