رواه الطبراني في " الأوسط " (1/ 334 / 562)، وقال الهيثمي في " المجمع " (4/ 59): " رجاله ثقات "، وأما الحافظ، فقال في " الفتح " (9/ 483): " أخرجه الطبراني في الأوسط، وفي سنده ضعف ".
قلت: وهو الصواب، لأن في سنده رواد بن الجراح، وفيه ضعف، كما في الكاشف للذهبي، لكن أحد الحديثين يقوي الآخر، إذ مخرجهما مختلف، وليس فيهما متهم، وقد أخذ به الشافعية، فاستحبوا الختان يوم السابع من الولادة كما في " المجموع " (1/ 307) وغيره.
وأما الحد الأعلى للختان، فهو قبل البلوغ، قال ابن القيم: " لا يجوز للولي أن يترك ختن الصبي حتى يجاوز البلوغ ".
انظر " تحفة المودود في أحكام المولود " له (ص 60 - 61).
وأما حكم الختان فالراجح عندنا وجوبه، وهو مذهب الجمهور، كمالك والشافعي وأحمد، واختاره ابن القيم، وساق في التدليل على ذلك خمسة عشر وجها، وهي وإن كانت مفرداتها لا تنهض على ذلك، فلا شك أن مجموعها ينهض به، ولا يتسع المجال لسوقها جميعا ههنا، فأكتفي منها بوجهين: الأول: قوله تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا)، والختان من ملته، كما في حديث أبي هريرة المذكور في الكتاب، وهذا الوجه أحسن الحجج، كما قال البيهقى، ونقله الحافظ (10/ 281).
الثاني: أن الختان من أظهر الشعائر التي يفرق بها بين المسلم والنصراني، حتى إن المسلمين لا يكادون يعدون الأقلف منهم.
ومن شاء الاطلاع على بقية الوجوه المشار إليها فليراجع كتاب " التحفة " (ص 53 - 60) "انتهى تعليقه.
قلت (الأزهري الأصلي): أما تحديد وقت الختان فالخلاف فيه كثير والجمهور على عدم تحدي وقت معين كما يأتي:
قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن":
(واختلفوا متى يختن الصبي، فثبت في الأخبار عن جماعة من العلماء أنهم قالوا: ختن إبراهيم إسماعيل لثلاث عشرة سنة. وختن ابنه إسحاق لسبعة أيام. وروي عن فاطمة أنها كانت تختن ولدها يوم السابع، وأنكر ذلك مالك وقال ذلك من عمل اليهود. ذكره عنه ابن وهب. وقال الليث بن سعد: يختن الصبي ما بين سبع سنين إلى عشر. ونحوه روى ابن وهب عن مالك. وقال أحمد: لم أسمع في ذلك شيئا. وفي البخاري عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا يومئذ مختون. قال: وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك أو يقارب الاحتلام).
,وقال الحافظ ابن حجر في الفتح:
(واختلف في الوقت الذي يشرع فيه الختان، قال الماوردي: له وقتان وقت وجوب ووقت استحباب، فوقت الوجوب البلوغ ووقت الاستحباب قبله، والاختيار في اليوم السابع من بعد الولادة، وقيل من يوم الولادة، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر ففي السنة السابعة، فإن بلغ وكان نضوا نحيفا يعلم من حاله أنه إذا اختتن تلف سقط الوجوب.
ويستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب إلا لعذر، وذكر القاضي حسين أنه لا يجوز أن يختتن الصبي حتى يصير ابن عشر سنين لأنه حينئذ يوم ضربه على ترك الصلاة، وألم الختان فوق ألم الضرب فيكون أولى بالتأخير، وزيفه النووي في " شرح المهذب " وقال إمام الحرمين: لا يجب قبل البلوغ لأن الصبي ليس من أهل العبادة المتعلقة بالبدن فكيف مع الألم، قال: ولا يرد وجوب العدة على الصبية لأنه لا يتعلق به تعب بل هو مضي زمان محض.
وقال أبو الفرج السرخسي: في ختان الصبي وهو صغير مصلحة من جهة أن الجلد بعد التمييز يغلظ ويخشن فمن ثم جوز الأئمة الختان قبل ذلك، ونقل ابن المنذر عن الحسن ومالك كراهة الختان يوم السابع لأنه فعل اليهود.
وقال مالك: يحسن إذا أثغر أي ألقى ثغره وهو مقدم أسنانه، وذلك يكون في السبع سنين وما حولها، وعن الليث يستحب ما بين سبع سنين إلى عشر سنين، وعن أحمد لم أسمع فيه شيئا.
وأخرج الطبراني في " الأوسط " عن ابن عباس قال " سبع من السنة في الصبي يسمى في السابع ويختن " الحديث وقد قدمت ذكره في كتاب العقيقة وأنه ضعيف.
وأخرج أبو الشيخ من طريق الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن ابن المنكدر أو غيره عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن حسنا وحسينا لسبعة أيام " قال الوليد فسألت مالكا عنه فقال: لا أدري، ولكن الختان طهرة فكلما قدمها كان أحب إلي.
وأخرج البيهقي حديث جابر.
¥