وأخرج أيضا من طريق موسى بن علي عن أبيه: أن إبراهيم عليه السلام ختن إسحاق وهو ابن سبعة أيام).
,وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي":
(واختلف في وقت الختان، فذهب الجمهور إلى أن مدة الختان لا تختص بوقت معين وليس بواجب في حالة الصغر، واستدل لهم بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم متفق عليه، إلا أن مسلماً لم يذكر السنين وللشافعية وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قبل بلوغه، ويرده ما رواه البخاري عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس، مثل من أنت حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا يومئذ مختون، وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك. ولهم أيضاً وجه أنه يحرم قبل عشر سنين، ويرده حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما. أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث عائشة، وأخرجه البيهقي من حديث جابر، قال النووي بعد أن ذكر هذين الوجهين: وإذا قلنا بالصحيح استحب أن يختتن في اليوم السابع من ولادته، وهل يحسب يوم الولادة من السبع أو يكون سبعة سواء فيه وجهان: أظهرهما يحسب انتهى. وفي هذه المسألة أقوال أخرى ذكرها الحافظ في الفتح).
,وأما حكمه:
قال القرطبي في تفسيره:
(واختلف العلماء في الختان، فجمهورهم على أن ذلك من مؤكدات السنن ومن فطرة الإسلام التي لا يسع تركها في الرجال. وقالت طائفة: ذلك فرض، لقوله تعالى: "أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا" [النحل: 123]. قال قتادة: هو الاختتان، وإليه مال بعض المالكيين، وهو قول الشافعي. واستدل ابن سريج على وجوبه بالإجماع على تحريم النظر إلى العورة، وقال: لولا أن الختان فرض لما أبيح النظر إليها من المختون. وأجيب عن هذا بأن مثل هذا يباح لمصلحة الجسم كنظر الطبيب، والطب ليس بواجب إجماعا، على ما يأتي في "النحل" بيانه إن شاء الله تعالى. وقد احتج بعض أصحابنا بما رواه الحجاج بن أرطأة عن أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء). والحجاج ليس ممن يحتج به.
قلت: أعلى ما يحتج به في هذا الباب حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الفطرة خمس الاختتان ... ) الحديث، وسيأتي. وروى أبو داود عن أم عطية أن امرأة كانت تختن النساء بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل). قال أبو داود: وهذا الحديث ضعيف راويه مجهول. وفي رواية ذكرها رزين: (ولا تنهكي فإنه أنور للوجه وأحظى عند الرجل)).
,وقال المباركفوري:
(واختلف في أن الختان واجب أو سنة قال الحافظ في الفتح: ذهب إلى وجوب الختان الشافعي وجمهور أصحابه، وقال به من القدماء عطاء حتى قال: لو أسلم الكبير لم يتم إسلامه حتى يختتن. وعن أحمد وبعض المالكية يجب. وعن أبي حنيفة واجب وليس بفرض وعنه سنة يأثم بتركه. وفي وجه للشافعية لا يجب في حق النساء وهو الذي أورده صاحب المغنى عن أحمد، وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية أنه ليس بواجب.
واحتج القائلون بالوجوب بروايات لا يخلو واحدة منها عن مقال، وقد ذكرها الشوكاني في النيل مع الكلام عليها ثم قال: والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب والمتيقن السنة كما في حديث: خمس من الفطرة والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه انتهى).
,وقال النووي في شرح مسلم:
(الصحيح من مذهبنا الذي عليه جمهور أصحابنا أن الختان جائز في حال الصغر ليس بواجب، ولنا وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قبل بلوغه، ووجه أنه يحرم ختانه قبل عشر سنين).
قلت (الأزهري الأصلي):ذهب الشيخ مصطفى العدوي وغيره أن ختان النساء دائر بين الإباحة والاستحباب وذلك لعدم وجود دليل صحيح صريح على الوجوب وذهب بعض العلماء إلى التفريق بين نساء المشرق ونساء المغرب (انظر فتح الباري) أي التفريق بين البلاد التي تزداد فيها شهوة المرأة والبلاد التي تكون فيها الشهوة معتدلة وهذا يرجع إلى عمليات الإثارة من ارتفاع في درجة الحرارة وغيرها.
قلت: والكلام في المسألة أطول من هذا.
والله تعالى أعلم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[19 Nov 2005, 06:39 م]ـ
لا أعارض في مشروعية ختان الإناث، فهو - كما قال الأئمة الفقهاء أصحاب المذاهب الفقهية المعتبرة و المتبوعة - دائر بين الوجوب و الاستحباب، و الأول أراه أولى - و من استحدث فيه قولا ثالثا من المعاصرين - كما نقل عن أحدهم أعلاه بدوران حكمه بين الاسحباب و الإباحة فقد وهم في فهم قول الإمام ابن حنبل في الحديث المذكور: إذ قاله في حديث بعينه، و ليس في جميعها و كذا ليس هذا مذهبه،
* و إنما كان المقصود الأصلي للسؤال منصبا على الصناعة الحديثية بشأن ما قاله أو نقله صاحب " عون المعبود " من أن أحاديث ختان المرأة كلها " ضعيفة و معلولة مخدوشة، لا يصح الاحتجاج بها "؟
* و إذا صح ذلك: فبم احتج الأئمة أصحاب المذاهب في أقوالهم بخصوص ختان الإناث، لا في عموم الختان؟
* و هل يمكن الجمع بين ما احتج به هؤلاء الأئمة و بين القول المذكور آنفا إن صحَ؟
¥