هكذا يتبين أن مصادر شبهاتهم هي مجرد كتب لمستشرقين، والتسليم لما وَرَدَ فيها على أنه حقائق علمية. أما ما وَرَدَ في كتب المسلمين مما يخالف تلك الشبهات، فهو غير علمي، ولا يستحق أن يكون دليلاً، لسبب واحد: أن المستشرقين لم (يُصادِقوا) عليه!
هنا التخلية والتحلية بالمفهوم (الخاص) ... ولكنها بالمفهوم العام تتعلق بـ (استراتيجيات) أعمق وأبعَد أثراً ..
فلم يكتفِ المستشرقون بمن أتى ليدرس في بلادهم، بل أرسلوا أفكارهم إلى بلاد العرب. فحين قدِمَ الاحتلال الأجنبي إلى الدول الإسلامية، لم تغادرها جيوشه إلا بعد أن ترك جناحَيه: الاستشراق والتنصير .. ليقوم أولهما بالهدم، والثاني بالبناء [5] ..
فلا تحلية بلا تخلية.
._._._._._._._._._._._._._._._._._._._._._
الثانية:
التفكيك والتركيب عند الحداثيين (أو كما يسمون أنفسهم مفتخرين: " اليسار الإسلامي!!!! ").
أولاً: التخلية - التفكيك:
من الملاحَظ أنه لا يكاد يخلو واحد منهم من تأكيد عدم أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذل أقصى جهد لإثبات معرفة بالقراءة والكتابة قبل نزول الوحي [6] .. موافقين بذلك سلفهم المستشرقين، وداعمين الجهود التي تبذلها مواقع الإنترنت التنصيرية.
ومن منهجيتهم العجيبة أيضاً، بذلهم كل جهد متاح ـ مهما كانت منهجيته غير علمية ـ للحكم على النصوص الشرعية المخالفة لأهوائهم بالضعف، أو تأويلها تأويلاً تعسفياً .. بينما الروايات الموضوعة والخرافات فهي نصوص صحيحة أكيدة.
مثلاً: خرافة الغرانيق، فهي وفق منهجية البحث العلمي الموضوعي عندهم: صحيحة ثابتة. [7]
ثانياً: التحلية - التركيب: ((سبق الإشارة إليه، وطروحاتهم في ذلك صارت معلومة لا داعي لتكرارها)).
وهم يصرِّحون بأن هدفهم هو إسقاط أي هيبة للقرآن الكريم، ومن ثم الوصول بالمجتمع الإسلامي إلى الفوضى (التفكيك) .. ولأن الطبيعة تأبى الفراغ، فلا بد أن تحل أفكارهم التنويرية محل الفراغ (التركيب).
الهدف لكل طروحاتهم: إعادة النظر في كل المُسلَّمات التراثية، والخروج من القراءات اللاهوتية التي يتشربها المسلم منذ طفولته، [8] فلا بد من تفكيك القباب المقدسة التي تختم على العقل العربي. [9] وعندها، سيصل المجتمع إلى حالة من العَدَمية والضياع ..
ولكن هذا مؤقت؛ لأن التفكيك لا بد أن يعقبه تركيب .. فلا بد للمسلمين أن يدفعوا الثمن ذاته الذي دَفَعَته أوروبا حتى تقدمت. [10]
تماماً كما أراد سلفهم المستشرقون: التخلية ثم التحلية.
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
=-=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-
- الثانية:
ليسمح لي أخي الحبيب د. عبد الرحمن الشهري أن أستشهد بكلامه ـ وليعذرني ـ فتلك ضريبة الأخوَّة .... وحقها!!
يقول الحبيب: " ورجعت بي الذاكرة إلى كتابات كثيرة أضعت الكثير من الوقت في محاولة فهمها ولكن دون جدوى، مما جعلني أشعر - مع كثرة إعجاب النقاد الحداثيين بها، وثنائهم عليها - بشعور الحاجب ومن بعده، كيف أبدي عدم فهمي لما يكتبه هؤلاء فأفتضح؟! ".
لا تُرَع أخي المكرم .. هذا الشعور شعر به أخوك وأكثر الإخوة الذين تصدو للحوار مع أولئك القوم، فكنا بين الأمَرَّين:
الاستمرار والحوار بما لا نعرف .. وفي تلك مخاطرات أقلها افتضاح جهلنا ((بحسب القوم))
أو: الهروب من الحوار .. بحجة: " للبيع بداعي السفر ". متمثلين قول امرئ القيس:
" وَقَد طَوَّفتُ في الآفاقِ حَتّى ### رَضيتُ مِنَ الغَنيمَةِ بِالإِيابِ ".
لهذا أقول ... الرد على قوم يسيرون وفق خطة مدروسة محكمة لها تنظيم تتبادل من خلاله الأدوار ... لا يجوز أن يكون عشوائياً فردياً
ولو كان للانتصار للقرآن علم وقواعد ناظمة ومؤسسات وفِرَق عمَل ... تليق بمكانة القرآن الكريم .. ومتناسبة مع حجم الهجوم .. لما كنا (كالأيتام) على موائد اللئام. بل كان لإعدادنا (خط إنتاج) آخر!
- الثالثة:
كما أرجو من الإخوة المشرفين استضافة بعض أهل العلم العالِمين بمصطلحات أولئك القوم .. لـ
1. شرح بعض تلك المصطلحات
2. بيان وجه مخالفتها الشرعية
فما هي البنيوية أو التفكيكية أوالهرمنوطيقيا ... وما خطرها؟ ... ولماذا؟ .... وهل لتطبيق أفكار تشومسكي على القرآن الكريم ونظرياته خطر ما؟ وما هو؟ ..... الخ
¥