وقد ذكر الشيخ عبدالله السدحان كلاماً قريباً من ذلك في كتابه (كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية) أعني حول علاج العين أو النفس التي أشرت إليها فقال: " ويخطئ كثير من المعالجين هداهم الله بإحداث البلبلة وشحن فكر هذا المريض أن فيه سحراً أسود أو أحمر، أو جاناً مسيطرين عليه سفلياً كان أم علوياً!! فيجعله ييأس من رحمة الله، ويقومون بتعذيبه بالضرب والخنق، وتسليط الجن عليه بالوساوس، فليس هذا من الدين في شيء، فليتق الله هؤلاء الرقاة، ولا يكونوا عوناً للشيطان على أخيهم)
3 - مات من الهم .. ما سر ذلك؟
كنت فيما مضى أتساءل كثيراً .. كيف يموت الإنسان من الهم .. ما زال هذا السؤال محيراً حتى وقفت على بعض المعلومات التي تفك هذه الشفرة وتحل ذلك اللغز .. ولنقف مع هذه القصص ..
أ- مجنون ليلى:
قيس بن الملوح بن مزاحم العامر.
شاعر غزل من المتيمين من أهل نجد لم يكن مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى بنت سعد التي نشأ معها إلى أن كبرت وحجبها أبوها، فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش، فيُرى حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في الحجاز، إلى أن وُجد ملقى بين الأحجار وهو ميت فحُمل إلى أهله.
وهو القائل:
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا "=" إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمُ
وقال أيضاً:
هوى صاحبي ريحُ الشمال إذا جرت "=" وأهوى لنفسي أن تهب جنوبُ
فويلي على العذال ما يتركونني "=" بغمي أما في العاذلين لبيبُ
يقولون لو عزيت قلبك لا رعوى "=" فقلت وهل للعاشقين قلوبُ
لقد بلغ الهم بقيس مبلغاً عظيماً حتى أهلكه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ب – ذكر ابن القيم أن رجلاً تعلق بمحبوب له، فلما امتنع المحبوب عن لقائه سقط الرجل صريعاً على فراش المرض ثم أنشد قائلاً:
أسلم يا راحة العليل "=" ويا شفا المدنف النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي "=" من رحمة الواحد الجليل
ثم صرخ صرخة ومات من حينه.
نعوذ بالله من ميتة السوء .. وهلاك الغفلة.
لقد ثبت في البحوث الطبية أن الهم والقلق يسبب نقص المناعة، وبالتالي يضعف الجسم عن مقاومة الأمراض ويبدأ الجسم تدريجياً في الضعف والذبول حتى يصل إلى مرحلة خطيرة وقد أورد صاحب كتاب التفاؤل التلقائي ما يلي:
" أوضحت الدراسات في المجلة الطبية أن الاضطرابات النفسية الحادة ترتبط بالمناعة الخلوية في الإنسان "
وقد تعوذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الهم كما جاء عند البخاري فقال: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن".
يقول جون جوزيف: إن قرحة المعدة لا تأتي مما تأكل ولكنها تأتي مما يأكلك، يعني القلق والهموم وتوتر العواطف والخوف.
إذاً ينبغي على كل مؤمن أن يطرد الهم والغم من ساحته حتى لا يكون فريسة لهذا الداء الخطير، وسيأتي لاحقاً العلاج في الجملة إن شاء الله.
4 - إياك والوهم فإنه مدخل من مداخل الشيطان.
كلنا يدرك المعركة الأزلية بين الإنسان والشيطان، هذه المعركة التي بدأت حينما توعد الشيطان بإغواء الإنسان {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص82.
ويعتبر الوهم أحد مداخل الشيطان الخطيرة لإسقاط الإنسان في دائرة الشك ومن ثم ضعف الإيمان والتوحيد.
تبدأ الخطة الإبليسية بالوهم .. ثم ضعف التوحيد، ثم التعلق بغير الله .. إلى ترك الصلاة والوقوع في الهاوية عياذاً بالله من ذلك.
يتبع ...
ـ[مسك]ــــــــ[14 Dec 2005, 05:38 ص]ـ
رجل في بطنه ثعبان:
ذكر الشيخ الطنطاوي رحمه الله في كتابه الماتع (صور وخواطر) مانصه:
" وهذا العلامة المؤرخ الشيخ الخضري، أصيب في أواخر عمره بتوهم أن في أمعائه ثعباناً، فراجع الأطباء، وسأل الحكماء، فكانوا يدارون الضحك حياء منه، ويخبرونه أن الأمعاء قد يسكنها الدود، ولكن لا تقطنها الثعابين. فلا يصدق.
حتى وصل إلى طبيب حاذق بالطب، بصير بالنفسيات قد سمع بقصته، فسقاه مسهلاً وأدخله المستراح وكان وضع له ثعباناً فلما رآه أشرق وجهه، ونشط جسمه، وأحس بالعافية، ونزل يقفز قفزاً، وكان قد صعد متحاملاً على نفسه يلهث إعياء، ويئن ويتوجع ولم يمرض بعد ذلك أبداً.
ثم قال الطنطاوي أيضاً:
ما شفي الشيخ لأن ثعباناً كان في بطنه ونزل، بل لأن ثعباناً كان في رأسه وطار، لأنه أيقظ قوى نفسه التي كانت نائمة، وإن في النفس الإنسانية لقوى إذا عرفتم كيف تستفيدون منها صنعت لكم العجائب ".
¥