فيا عجباً لنا! إن الواحد الديان لا يغلق بابه أبداً. بل يتنزل في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله فيقول هل من سائل فأعطيه .. فأين نحن من هذه الساعات المباركة واستغلالها في التضرع إلى الله بأن يكشف عنا البلاء والهم والمرض. ..
ثم تأمل معي أيها الحبيب هذه المواقف:
1 - حينما قُذف إبراهيم عليه السلام في النار .. تبدى له جبريل فقال يا إبراهيم هل لك من حاجة، فقال أما إليك فلا وأما إلى الله فنعم فقال الله عز وجل: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} الأنبياء69.
2 - وفي قصة موسى عليه السلام قال الله تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء63.
3 - وهذا رسولنا الكريم النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر، وكفار قريش، يحومون حول الغار طلباً للحبيب عليه الصلاة والسلام، فإذا بأصوات أقدامهم تخفق إلى جوار الرسول النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه .. فقال أبو بكر: " لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا " فقال عليه الصلاة والسلام: يا أبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما. {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة40
أيها المبتلى:
إذا سألت فاسأل الله، فإنه سميع مجيب وإنه نعم المولى ونعم النصير.
- واعلم أن من التوحيد أيضاً: التوكل على الله، واليقين بموعوده والثقة بنصره، فلا تبخل على نفسك بهذه المعاني المباركة .. فإن فيها من لذة الإيمان .. وسعادة القلب ما الله به عليم.
ومن الوسائل المعينة لتحقيق (في كل بيت راق):
2 - الصلاة:
" كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة " وكان يقول " أرحنا بها يابلال ". رواه احمد وأبو داود
إن الإنسان إذا أراد الراحة والسعادة والعافية فلابد أن يحافظ على الصلاة .. ويستمتع بالوقوف أمام العزيز الرحيم .. وكلما اضطربت صلاتك زادت علاتك .. والحر تكفيه الإشارة.
يقول الدكتور عائض القرني في كتابه الشهير لا تحزن: " إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد، وأن يمرغ جبينه ليُرضي ربه أولاً، ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب. وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه، والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمدّه بالسكينة والأمن إلا الصلاة ".
3 - عليك بالذكر والدعاء والاستغفار:
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} طه124
" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، كمثل الحي والميت ".
اعلم أيها الحبيب أن الغفلة داء خطير .. ومدخل من مداخل الشيطان الرجيم.
يقول ابن القيم في الفوائد:
" كل ذي لب يعلم ألا طريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات ... وذكر منها:
الغفلة: فإن الذاكر في حصن الذكر، فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه أو يصعب إخراجه.
ثم تأمل معي هذا الحديث الشريف:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال إذا خرج من بيته بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له حينئذ: كفيت ووقيت وهُديت، وتنحى عنه الشيطان فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدي وكفي ووُقي؟ " رواه أبو داوود والنسائي والترمذي بإسناد جيد.
فانظر إلى فضل الذكر وثمرته في حديث واحد فكيف بمن لازم الذكر في سائر يومه.
4 - الدعاء:
إن الدعاء هو لب العبادة .. وقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " الدعاء هو العبادة ". رواه الترمذي وقال حديث صحيح
فمتى ما أراد المبتلى أو المريض النجاة والسعادة، فعليه بالتضرع إلى الله .. فإنها خير طريق وأيسره إلى نيل فضل الله ورحمته.
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) الأنعام42.
البأساء: الفقر والضيق في العيش.
¥