تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[17 Dec 2005, 08:57 م]ـ

6 - قال الحافظ في الفتح 1/ 352: "والمراد باليد هنا القدرة".

قال الشيخ البراك: قوله: "والمراد باليد القدرة": يريد في قول ابن مسعود: "والذي نفسي بيده"، وهذا القسم كثيراً ما يقسم به النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه: والذي نفسي في ملكه يتصرف فيها بقدرته ومشيئته. هذا هو معنى الكلام مركبا، فإذا أراد الحافظ أو غيره بقولهم: "المراد باليد هنا القدرة"

المعنى المراد من جملة القسم كان صحيحا، وإن أراد أن يد الله المراد بها قدرته؛ فهذا جار على مذهب أهل التأويل من نفاة الصفات الذين ينفون عن الله عز وجل حقيقة اليدين، ويؤولون ما ورد في النصوص بالقدرة أو النعمة. وهو تأويل باطل مبني على باطل، وهو: اعتقاد نفي حقيقة اليدين عن الله عز وجل. وهذا التأويل صرف للنصوص عن ظاهرها، كقوله تعالى: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي"، فلو كان المراد باليدين القدرة لما كان بين آدم وإبليس فرق؛ إذ الكل مخلوق بالقدرة. والحافظ رحمه الله جار في صفة اليد لله تعالى على طريق النفاة.

وانظر: تعليق رقم (2).

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[18 Dec 2005, 04:22 م]ـ

7 - قال الحافظ في الفتح1/ 508:

"والمراد بالمناجاة من قبل العبد حقيقة النجوى، ومن قبل الرب لازم ذلك، فيكون مجازا، والمعنى: إقباله عليه بالرحمة والرضوان".

قال الشيخ البراك: قوله: "ومن قبل الرب لازم ذلك ... الخ": هذا القول يتضمن نفي حقيقة المناجاة عن الله عز وجل. والمناجاة هي المسارة في الحديث. وقد ثبتت إضافة المناجاة إلى الله عز وجل في قوله سبحانه: "وقربناه نجيا"؛ فالله عز وجل كلم موسى عليه السلام فناداه وناجاه، فهو كليم الله ونجيه. وليس في هذا الحديث ذكر للمناجاة من الله تعالى، بل المناجاة في الحديث من طرف العبد. ونفي حقيقة المناجاة هو مذهب من ينفي الكلام عن الله تعالى من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب من يقول إن كلام الله معنى نفسي ليس بحرف ولا صوت كالكلابية والأشاعرة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء، ويكلم من شاء، فيسمعه كلامه؛ فموسى عليه السلام سمع كلام الله من الله. وهكذا الأبوان في قوله سبحانه: "وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ... " الآية. والذي يظهر أن الحافظ رحمه الله تعالى مشى في صفة المناجاة على مذهب أهل التأويل من الأشاعرة.

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[18 Dec 2005, 08:08 م]ـ

8 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 508: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته " [أي: حديث: إن ربه بينه وبين القبلة]

قال الشيخ البراك: وقوله: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ... الخ": هذا صريح في أن الحافظ ـ عفا الله عنه ـ ينفي حقيقة استواء الله على عرشه؛ وهو علوه وارتفاعه بذاته فوق عرشه العظيم.

وهذا مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب كل من ينفي علو الله على خلقه؛ ومنهم الماتريدية ومتأخرو الأشاعرة؛ وهو مذهب باطل مناقض لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة.

ومذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وجميع أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه؛ أي ليس حالاً في مخلوقاته، ولا ينافي ذلك أنه مع عباده أينما كانوا، وأنه تعالى يقرب مما شاء متى شاء كيف شاء. وكذلك لا ينافي علوه واستواؤه على عرشه ما جاء في هذا الحديث من أنه سبحانه قِِبل وجه المصلي، أو بينه وبين القبلة؛ فالقول فيه كالقول في القرب والمعية؛ كل ذلك لا ينافي علوه ولا يوجب حلوله تعالى في شيء من المخلوقات؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

"ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة; مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: {وهو معكم أين ما كنتم}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه}، ونحو ذلك؛ فإن هذا غلط؛ وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}؛ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: {والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه}؛ وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى؛ فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك; وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة .... وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:

{إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه} الحديث. حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى - ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به} فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر: كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله ; فالله أكبر} أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم". [مجموع الفتاوى 5/ 102 – 107 باختصار].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير