تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحد ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فذكر الحديث وقال فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس فقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا وإن كل شيء من أهل الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم أضعه دماءنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطين فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم مسؤولين عني ما أنتم قائلون فقالوا نشهد إنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكسها إلى الناس اللهم أشهد اللهم أشهد قال أبو بكر قد بينت في كتاب النكاح أن قوله لا يوطين فرشكم أحدا تكرهونه إنما أراد وطىء الفراش بالأقدام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجلس على تكرمته إلا بأذنه وفراش الرجل تكرمته ولم يرد ما يتوهمه الجهال إنما أراد وطأ الفروج} [7]

حيث أبطل أمورا كانت في الجاهلية؛ فبدأ بنفسه وبمن هم أقرب إليه في تطبيق ذلك؛ وهو دليل على مساواته بين الجميع وعدم مراعاة نفسه وأقربائه في أحلك الظروف؛ كما قدم أقرب الناس إليه فيما يكون طريقا إلى الموت ببدر والأحزاب وسواها ويكون في مواجهة الخطر ليس بينه وبين العدو أحد كيوم حنين؛ ما يبرهن أحقية ما جاء به من عند الله، ووثوقه منه، ومن وعد الله له بالنصر والتأييد لا محالة. مع تواضعه الجم وإعراضه عن زخرف الدنيا صلى الله عليه وسلم وقد عرضت بين يديه تخييرا فأبى، واكتفى من الدنيا بما يسد رمقه ومن يعول. ولا يعارض حثه في المنهج الذي جاء به من عند الله على استغلال الأرض وعمارتها بحيث لا تشغل عن الآخرة وقد قبّل يدا باتت كالة من العمل ووعد بأن يمسي صاحبها مغفورا له.

أوصى باليتيم والأرملة والفقير والمسكين وابن السبيل؛ وفرض لهم من المال فرضا على الأغنياء بحيث يأثم من لم يسق ذلك المال المفروض في الزكاة لهم.

وطد العلاقات الخيرة بينه وبين الناس فاتسعت حتى طبقت الأرض لمتانتها، وسلامتها مما يعرقلها؛ إنها ربانية جاءت من عليم خبير سبحانه وتعالى.

صان حق الأسير وحث على إطعامه ومراعاة حقوقه بنص القرآن، وحرم قتل المعاهد، بل غير المسلمين على الإطلاق ما لم يكن محاربا.

وحث على حفظ العهود والعقود والمواعيد والمواثيق ورتب على التفريط فيها عقوبات.

فرض على نفسه ومن تبعه هداية الآخرين. وحث على حب الهدى لهم والفرح عند تحقق هدايتهم. بل حث على حب الخير للآخرين مثل حب الخير للنفس، فأي تقعيد وتأسيس لتمتين العلاقات الخيرة أكثر من هذا؟

ومزاياه وشمائله وسجياه من الكثرة ما لا يحصى ولو رؤوس أقلام؛ لأنها مضمون القرآن بكامله والسنة بكاملها فخلقه القرآن يأتمر بأوامره ويجتنب نواهيه

فأي المصلحين وأي الأمم جاء بهذا وطبقه عمليا حقيقة. فمن يكره محمدا صلى الله عليه وسلم غير جاهل بحقه، أو حاقد عليه بدون مبرر.


[1]- سورة فاطر

[2]- سورة ص

[3]- سنن البيقي 9/ 118 رقم 18055.

[4]- سورة الحجرات

[5]- البخاري 1/ 37. رقم 67.

[6]- مسلم 3/ 1306 رقم 1679.

[7]- صحيح ابن خزيمة 4/ 451 رقم 2809

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير