تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه الآية تعبر عن الحال الذي وصلوا فيه بني إسرائيل من إغضاب الرب سبحانه وتعالى الذي أنعم عليهم، وأنجاهم من الأعداء، وأنزل عليهم الكتاب، وأرسل لهم موسى نبياً منقذاً بالمعجزات، وبالتوراة، فما السبيل إلى إرضاء الرب، وما الخلاص من هذا الذنب، وكيف كانت توبتهم لقد أمر الله نبيه بان يقتل من لم يعبد العجل من عبد العجل لكي تتم التوبة لهم، وهذه والله من الأغلال الثقيلة التي شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأخذوا الخناجر بأيديهم وغشيتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضاً فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل كل من قُتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي منهم كانت له توبة، فتاب الله عز وجل على حيهم و ميتهم، وبذلك انتهت قضية عبادة العجل بعد توبة الله عليهم وعودتهم إلى رشدهم.

وفي هذه الآية ذكر الشرك بأنه ظلم للنفس،فهي مفطورة على توحيد الله بالعبادة، فكيف يجرؤ المرء على اتخاذ الأصنام أرباباً، أو الجمادات، أو الأولياء، أو القبور،أو الصلبان، أو الرهبان، أو قبورهم، أو المزارات يطوفون بها، ويبكون عندها ويسجدون لها ويستغيثون بأصحابها، كيف يكون ذلك في قلب مفطور أصلاً على توحيد العبادة لله، وكيف يكون ذلك في قلوبٍ تنتمي إلى الإسلام، وتعتز بالإسلام، وهي أقرب إلى الشرك والعياذ بالله، وتشد الرحال إلى المزارات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى).

الوقفات

كان التقاتل بين الناس توبة في شريعة موسى عليه السلام.

إثبات الولاء لله وأن عباد الله دائماً وابداً ينفذون أوامر الله مهما كانت شدتها وصعوبتها.


(الحلقة الأربعون)

(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تنظرون (55) ثم بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56))

تدل هذه الآيات على صلف وكبرياء اليهود، والكبر كما علمنا رسول الله بطر الحق أي رفض الحق، وعدم إتباعه، فهؤلاء اليهود وفي هذه الآية انكشفت كينونة صدورهم، وسوء مقاصدهم، فعندما جاءهم النبي موسى عليه الصلاة والسلام بالكتاب ووصايا الرب فيها، فرفضوا ذلك وقالوا من أنت حتى يعطيك الرب ذلك، ولماذا يكلمك ولا يكلمنا، فلن نؤمن لك حتى نرى ربك، أي يكشف وجهه سبحانه وتعالى لنا ونراه جهرة، إننا نريد رؤيته، وهذا بطبيعة الحال محال لأن كليم الله موسى عليه السلام لم يستطع رؤيته عندما تجلى ربه للجبل، فكيف بهؤلاء يقولون ذلك بتلك الصورة المكذبة لرسول الله، وكيف يقولون ذلك بتلك البذاءة، والعنجهية،كل ذلك أغضب الرب سبحانه وتعالى، وأغضب نبيه موسى عليه الصلاة والسلام، فجاءهم العقاب حيث أرسل الله عليهم صاعقة وهي نار (قالها السدي) تقتل بعضهم ويرى الآخرون ما حل بهم، ثم بعثهم الله فجاء أولئك الصاعقة ثم بعثهم الله، فأحياهم من جديد، وهو سبحانه الغني عن عبادتهم، ولكنه سبحانه رءوف رحيم، يريد سبحانه من عباده أن يتبعوا الحق ويشكروا نعم الله قولاً وعملاً كي ينجوا من عذابه، فهل استجابوا لربهم؟. وفي هذا تذكير لليهود في المدينة بما حل بأسلافهم حينما تمردوا على نبي من أنبياء الله موسى عليه السلام، وفيها تحذير من عدم متابعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذه الآيات، وهذا القصص لم يأت محمداً إلا من عند الله بوحي سماوي.

الوقفات

الكبر هو المهلكة فرفض الحق صفة من أبرز صفات المتكبرين أعاذنا الله.
إثبات غضب الرب سبحانه وتعالى وعقابه لمخالفي أمره.
إثبات الإحياء بعد الممات.
إثبات عدم رؤية الله في هذه الدنيا ولكن في الآخرة سيرى أصحاب الجنة ربهم سبحانه وتعالى (وجوهٌ يومئذٍ ناظرة إلى ربها ناضرة) وقال سبحانه (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى الرب سبحانه وتعالى، ولا ينكر هذا إلا مكذب بخبر القرآن.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير