تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتأتي هذه الآية تذكر اليهود كيف كان حال أسلافهم حينما تسلط عليهم فرعون ملك مصر، والذي كان يسومون أصلها (سام) أي يديمون العذاب عليهم وتمثل ذلك في أن فرعون كان يذبح الأولاد ويبقي النساء أحياء، فيعلمهم الله أن تلك الفتنة كانت من أشد الابتلاء الذي أصاب أسلافهم، ولكن الله وحده سبحانه، وبحكمته البالغة، وبسلطانه العظيم، دكدك رؤوس الطاغوت، وأغرق فرعون وجنوده في اليم، وأنقذ موسى ومن تبقى من أبناء إسرائيل عليه السلام.

فمَّن الله عز وجل على اليهود في هذه الآيات، وكأنه يقول إذا نسيتم ذلك، أو جهلتموه فهذا القرآن يقص عليكم ما جهلتموه، ويذكركم بما جاء في سير الأولين من أسلافكم،ثم ينتقل السياق على صورة أخرى حينما أنفرق البحر إلى فرقين، أي انفتح إلى قسمين فعبر موسى عليه السلام وقومه، وعندما نجوا ووصلوا إلى ضفة البحر لحق بهم فرعون وجنوده، فأغرقهم الله فهلكوا، وكان ذلك أمام مرأى موسى وقومه، ويورد الله هذه الآيات لعل هؤلاء اليهود يتذكروا ويعتبروا، ويوقنوا بصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي لا يستطيع القراءة، أو الكتابة، فمن أين جاء له هذا القصص الذي كثير منهم يجهل تفاصيله، أو يعرفه ولكنه ينكر رسالة محمد فتدلل تلك الآيات على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وتخبر البشرية بمصداقية الرسالة، وعموميتها للبشرية جمعاء، وبذلك تستبين السبيل الحق من الباطل، والبصيرة من العمى، والهدى من الضلال.

الوقفات

1 - التذكير بقصص أسلاف اليهود.

2 - الامتنان من الله على بني إسرائيل بأنه نجاهم من بطش الطاغوت فرعون.

3 - إثبات معجزة انشقاق البحر حتى مشى البشر في وسطه.

آيات ووقفات (الحلقة الثامنة والثلاثون)

(وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون (51) ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52) وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون (53)

لا يزال السياق في ذكر الله وتذكيره لقصص موسى مع قومه، فقد ذهب موسى إلى ميقات ربه وانقضت أربعين يوماً، ثم اتخذ قومه العجل رباً يعبدونه وهو عبارة عن حلي نساء بني إسرائيل صاغها السامري في هيئة عجل فعبدوه، وسيأتي بسط ذلك بالتفصيل في سورة طه إن شاء الله. ويذكر الله سبحانه وتعالى كيف ظلموا أنفسهم بعدما نجاهم الله من فرعون وجنوده، ومن الدكتاتورية الوحشية التي أذلت بني إسرائيل أيما إذلال، وهاهم يعبدون العجل من بعد تلك النعمة بإنقاذهم، ولكن مع ذلك غفر الله لهم، وعفا عنهم لعلهم يعودون إليه ويعبدونه وحده لا شريك له، ثم يذكرهم الله بمنته وفضله أنه آتى موسى الكتاب وهو التوراة وهو الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل لعلكم تهتدون.

ويورد الله عز وجل هذه الآيات وفيها التذكير والأحداث التي سبقت في الأسلاف الماضية، وفيها تذكير بما جرى لهم، وكيف تكون عاقبة الكفر، وكيف أن الله عز وجل يعفو ويغفر، وكيف تجلى حلمه وعفوه على بني إسرائيل لجهلهم، ولكن بعدما أتتهم التوراة، والهدى المتألق بين دفتيها، فليس بعد ذلك عذر لمعتذر فقد أتى البيان الظاهر، والنور الباهر، وتجلت الحقائق، فمن أين أتى كل ذلك على محمد صلى الله عليه وسلم إلا عن طريق الوحي السماوي.

الوقفات

1 - الشرك بالله ظلم للنفس عظيم.

2 - الحث على شكر الله على نعمة العفو والمغفرة.

3 - إقرار وجود التوراة في عهد موسى عليه السلام، وهو كتاب مقدس من الكتب السماوية، ونحن كمسلمين نؤمن بوجوده على هيئته الحقيقية في عهد موسى، ولكن ما تتداوله الأيدي الآن فليس بالأصلي وهو محرف.

4 - إثبات إقامة الحجة على الناس بعد إرسال الرسول، وإنزال الكتاب فبهما يتميز الحق من الباطل.


(الحلقة التاسعة والثلاثون)

(وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير