ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[12 Mar 2006, 02:03 م]ـ
المبحث الثاني
الإسلام والكفر
قال تعالى: {قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} البقرة آية36
آية من كتاب الله تعالى تبين لنا حقيقة الصراع بين الإنسان والشيطان، العدو الأول للإنسان الذي حدده الله لنا كعدو دائم، لنحذره، لماذا؟ لأن تحديد العدو ضروري في الإنتصار عليه.، فمثله كمثل داء يصيب الإنسان، فيسعى الإنسان إلى تشخيصه ومعرفة ماهيته، لتحديد الدواء الناجح، وهكذا العدو لا بد من تشخيصه لاستخدام الإسلحة المناسبة لقهر هذا العدو.
ومن هذه البداية، بداية الصراع بين الشيطان والإنسان ظهرت بداية الصراع بين الحق والباطل، حينما اختارت طائفة من البشر سبيل الشيطان، فانقسم البشر إلى قسمين: أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وفي ذلك يقول الحق تعالى: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا اولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً} النساء آية76
ولكن هل يشترط في أعضاء الحزب الشيطاني أن يعلنوا ولائهم الكامل والصريح للشيطان؟
إن حزب الشيطان هو كل من خرج عن منهج الله ودينه، وليس شرطاً أن يعلن أعضاء المحفل الشيطاني ولائهم الكامل، بل تجد منهم من يلعن الشيطان، ولكن حياته تسير وفق المنهج الشيطاني لا المنهج الرباني، فهو من حزب الشيطان وإن كان لا يعلم ولا يشعر.
إن المسألة مفهومة، فكل مبدأ ومنهج وعقيدة وطريق مخالف لمنهج الإسلام فهو طريق الشيطان، فإنما هي إحدى الطريقين، طريق الإيمان أوطريق الكفر ولا مرتبة بينهما، نعم هنالك صنف من البشر قد يوافق المنهج الشيطاني في أشياء ولا يوافقه غي أشياء أخرى، فهذا الصنف إن كان أصل العقيدة عنده صحيح فهو مسلم قد عميت بصيرته وتلزمه التوبة، فهو من حزب الشيطان منهجاً لا عقيدة، ويخشى عليه ان يصبح من حزب الشيطان منهجاً وعقيدةً، أما إن كان أصل العقيدة عنده فاسداً فهو من حزب الشيطان عقيدة ومنهجاً.
وكثير من الأمور يمر عليها المسلمون فلا يلقون لها بالاً مع أنها بالأهمية بمكان، ويحسن بنا في معركتنا مع الشيطان وحزبه أن نعرفها، وهي التي عبر عنها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بقوله (نوافض الإسلام العشرة) والتي سنذكرها بإذن الله رابطين إياها بحال المسلمين اليوم.
_قال الشيخ رحمه الله: (الناقض الأول من نواقض الإسلام العشرة: الشرك بالله تعالى قال تعالى:
{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء آية 116).
واليوم نرى بعضاً ممن ينتسب إلى الإسلام يدعون غير الله، ويذبحون لغير الله ويستغيثون بغير الله، والبعض يدخل إلى قلبه الرياء وهذا نوع من الشرك، وكمثل أن يحب بعض الناس كحب الله يقول تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله} البقرة آية165، وكذلك الإعتقاد بأن الموتى ينفعون الأحياء، والإعتقاد بالأوتاد والأغواث وغيرها وأنهم يقومون على حاجات الخلق، وكذلك سب الذات الإلهية، وشتم النبي صلى الله عليه وسلم فهذه كلها من الشرك بالله.
وكثير من هذه الأمور واقعة اليوم في بلاد المسلمين، نرى منهم من ينادي حسيناً، أو فاطمةً، ومنهم من يذبح للقبور وغيرها، فإن الأمة بحاجة إلى تصحيح عقيدتها والله المستعان.
_قال الشيخ رحمه الله: (الناقض الثاني من نواقض الإسلام العشرة: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعونهم ويسألونهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً).
فبعض الناس يدعي أنه لا سبيل للوصول إلى مرضاة الله إلا عبر هذه الوسائط، ونترك بيان هذا للإمام ابن تيمية الذي يقول في رسالته القيمة "الواسطة بين الحق والخلق": (إن أراد بذلك أن لابد من واسطة تبلغنا أمر الله فهذا حق، فإن الخلق لا يعلمون ما يحبه الله ويرضاه وما أمر به وما نهى عنه، وما أعده لأولياءه من كرامته، وما وعد به أعدائه من عذابه، ولا يعرفون ما يستحقه الله تعالى من أسمائه الحسنى وصفاته العليا التي تعجز العقول عن معرفتها وامثال ذلك إلا بالرسل الذين أرسلهم الله تعالى إلى عباده) (1)
إذن فشيخ الإسلام يقرر أن الواسطة بهذا المعنى أمر شرعي لا بد منه، فإن الأنبياء هم المبلغون عن ربهم لشريعته، الداعين لوحدانيته وعبوديته.
¥