تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قوله: " لا يعقد لغير المجوس وأهل الكتابين ومن تبعهم " ....

وأما عقده لأهل الكتاب، فهو ثابت هذا في القرآن الكريم قال تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [سورة التوبة: 29] ((حتى)) غائية لا تعليلية، والفرق بينهما: إذا كانت بمعنى إلى فهي غائية، وإذا كانت بمعنى اللام فهي تعليلية فمثال التعليلية قوله تعالى: {لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا} [سورة المنافقون: 7]، أما قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ}، فالمعنى إلى أن يعطوا، إذاً فهي غائية. . .

93 - ص (77):

وقوله: " دون ما يعتقدون حله " مثل الخمر. فالخمر يعتقد أهل الكتاب أنه حلال، فإذا جيء إلينا بسكران من أهل الذمة فإننا لا نقيم عليه حد الخمر حتى وإن قلنا إن عقوبة شارب الخمر حد؛ لأنه يعتقد حله، والذي يعتقد حل الشيء كيف يعاقب عليه؟ لكن سيأتي أنهم يمنعون من إظهار شرب الخمر، فإن أظهروا ذلك فإننا نعزرهم بما يردعهم، ويؤخذ من هذا الحكم الذي أقره الفقهاء رحمهم الله: أن من اعتقد حل شيء مختلف فيه وإن كان كافراً فإنه لا يلزم بحكم من يرى تحريمه، وإذا كان هذا في حق الكفار ففي حق المسلمين من باب أولى فيما ذهبوا إليه بتأويل سائغ، مثل: الدخان، فالدخان ليس مجمعاً على تحريمه، فمن العلماء من خالف فيه لا سيما أول ما ظهر، فإذا رأينا شخصاً يشرب الدخان وهو يرى أنه حلال فإننا لا نعزره؛ وإن كان يعتقد أنه حرام فإننا نعزره؛ لأن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.

وهل نقره؟ بمعنى هل يجوز أن أجلس إلى جنب واحد يدخن ويعتقد حل الدخان؟

الجواب: لا.

ولو رأيت أحداً أكل إبل ولم يتوضأ وقام يصلي وهو لا يرى وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل هل تنكر عليه؟

الجواب: لا، وهل تصلي معه؟

الجواب: نعم، وهذا إقرار وليس بإنكار.

إذاً ما الفرق بين ترك الواجب وفعل المحرم؟

الجواب: لا فرق، لكن ينبغي لذوي المروءة أن لا يجلسوا مع الذين يشربون الدخان ولو كانوا يعتقدون حله؛ لأن هذا دناءة وفي ظني أن الذين يعتقدون حله من العلماء لا يرون أنه من فعل ذوي المروءة، كما أننا مثلاً نرى أن أكل الفصفص لا بأس به، لكن لو أتى معلم يعلم الطلبة وعنده كيس فصفص يأخذ منه ويأكل فهذا يعتبر مخالفاً للمروءة وإن كان ليس حراماً لكن الإنسان يجب أم يكون عنده أدب أما من عاند كإنسان مسلم يأكل الخنزير، ويقول: أنا أعتقد أنه حلال فلا نقره؛ لأنه مجمع عليه، ولا يمكن لأي إنسان أن يحلل لحم الخنزير بأي مسوغ، ففرق بين هذا وهذا.

94 - ص (82):

قوله " ولا القيام لهم " أي: إذا أقبلوا فلا تقم لهم؛ لأن ذلك إكرام لهم، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه))، فإن القيام لهم ينافي ذلك تمام المنافاة؛ لأنه إكرام لهم، وعُلِمَ من قول المؤلف: " ولا القيام لهم " أنه يجوز القيام للمسلمين، فإذا دخَل إنسان ذو شرف وجاه فإنه لا بأس بالقيام له، لكن هو نفسه لا يحب ولا يتمنى أن يقوم الناس له، إنما إذا قاموا له فإنه لا حرج عليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم: ((يكره أن يُقام له)) فتركه الصحابة استجابة لرغبة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لا بأس أن يقوم الإنسان لذي الشرف والجاه إكراماً لهم.

وليعلم أن القيام ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قيام للشخص، وقيام عليه، وقيام إليه.

فالقيام له: أي: أنه إذا دخل قمت إجلالاً وإكراماً له، ثم إن شئت فقل: اجلس في مكاني وإن شئت جلست.

والقيام إليه: أن يتقدم الإنسان إلى القادم ويخطو خطوات وهذا جائز قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه للتحكيم: ((قوموا إلى سيدكم)) فأمر بالقيام إليه إكراماً له.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير