وأما القيام على الشخص: فإنه لا يجوز إلا إذا كان في ذلك إغاظة للمشركين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى أن نقوم على غيرنا كما تقوم الأعاجم على ملوكها)) بل في الصلاة ((لما صلى جالساً وصلوا خلفه قياماً أمرهم أن يجلسوا))؛ لئلا تظهر صورة المشابهة حتى في الصلاة فإن كان في ذلك إغاظة للمشركين فإنه لا بأس به، بل قد يكون محموداً ومأموراً به كما فعل المغيرة بن شعبة حين قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش تراسله في صلح الحديبية فهذا لا شك أنه محمود؛ ليتبين لهؤلاء الكفار أن المسلمين يعظمون زعماءهم وعظماءهم.
إذاً القيام لأهل الذمة حرام، ولا يجوز ولو كان كبيراً، بأن كان وزيراً، أو كان رئيساً، لكن إذا لم يكن من أهل الذمة وقدم إلى بلد الإسلام فهل يقام له؛ لأنه من ذوي الشرف والجاه في قومه، ولأن ذلك مما جرت به العادة بين الناس ورؤساء الدول أو لا يقام له؟
الجواب: هذا محل نظر، وفرق بين هذه المسألة وبين مسألة أهل الذمة؛ لأن أهل الذمة تحت ولايتنا، ونحن لنا الولاية عليهم فلا يمكن أن نكرمهم بالقيام لهم.
95 - ص (85):
قوله " ولا بداءتهم بالسلام " ...
مسألة: هل يجوز أن نهنئهم، أو نعزيهم، أو نعود مرضاهم أو نشهد جنائزهم؟
الجواب: أما التهنئة: بالأعياد فهذه حرام بلا شك، وربما لا يسلم الإنسان من الكفر؛ لأن تهنئتهم بأعياد الكفر رضا بها، والرضا بالكفر كفر، ومن ذلك تهنئتهم بما يسمى بعيد الكرسمس أو عيد الفُصْح أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز إطلاقاً، حتى وإن كانوا يهنئونا بأعيادنا فإننا لا نهنئهم بأعيادهم، والفرق أن تهنئتهم إيانا بأعيادنا تهنئة بحق، وأن تهنئتنا إياهم بأعيادهم تهنئة بباطل، فلا نقول إننا نعاملهم بالمثل إذا هنؤونا بأعيادنا فإننا نهنئهم بأعيادهم للفرق الذي علمتم ...
96 - ص (87):
قوله: " ويمنعون من إحداث كنائس، وبيع، وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً "
يمنعون: الضمير يعود على أهل الذمة الذين في بلادنا – فيمنعون من الأمور الآتية:
أولاً: إحداث كنائس. . .
ثانياً: إحداث بيع: يمنعون من إحداثها وهي متعبد اليهود، كما يمنعون من إحداث الكنائس.
فإن قال قائل: إذا كانوا لا يمنعوننا من إحداث المساجد في بلادهم فهل لنا أن نمنعهم من إحداث الكنائس في بلادنا؟.
الجواب: نعم، وليس هذا من باب المكافأة أو المماثلة؛ لأن الكنائس دور الكفر والشرك والمساجد دور الإيمان والإخلاص، فنحن إذا بنينا المسجد في أرض الله فقد بنيناه بحق، فالأرض لله، والمساجد لله، والعبادة التي تقام فيها كلها إخلاص لله، واتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم بخلاف الكنائس والبيع.
ومن سفه بعض الناس أنه يقول: لماذا لم نمكنهم من بناء الكنائس في بلادنا كما يمكنونا من بناء المساجد في بلادهم؟
الجواب: نقول هذا من السفه، ليست المسألة من باب المكافأة، إذ ليست مسائل دنيوية، فهي مسائل دينية، فالكنائس بيوت الكفر والشرك، والمساجد بيوت الإيمان والإخلاص فبينهما فرق والأرض لله، فنحن إذا بنينا مسجداً في أي مكان من الأرض فقد بنينا بيوت الله في أرض الله بخلافهم.
ثالثا: بناء ما انهدم منها: ...
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[15 Jun 2006, 05:44 م]ـ
97 - ص (131):
قوله " إلا الكلب " فإنه لا يجوز بيعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيعه)) مع أن الكلب يصلح للصيد، أليس ((قد أباح النبي صلى الله عليه وسلم إقتناءه لثلاثة أمور، الحرث والماشية، والصيد)) ومع ذلك لا يجوز بيعه، حتى لو باعه لهذا الغرض، أي للصيد فإنه لا يجوز.
فإن قال قائل: كيف مُنع بيع الكلب مع ما فيه من المنافع ولم تمنع سباع البهائم التي تصلح للصيد؟
قلنا: التفريق بالنص، فالنبي صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن ثمن الكلب))، ولا يصح أن تقاس سباع البهائم التي تصلح للصيد عليه، لدخولها في عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ} [سورة البقرة: 275]؛ ولأنها أخف ضرراً من الكلب، إذ أن الكلب إذا ولغ في إناء يجب أن يغسل سبعاً إحداها بالتراب، وغيره من السباع لا يجب التسبيع فيه ولا التتريب، فظهر الفرق وامتنع القياس.
98 - ص (146):
¥