تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كانت الطائرة مزدحمة وأكثر من فيها شباب لا يهتمون كثيراً بالنظام ويتدافعون، ولكن الطائرة جيدة من حيث الشكل ولا بد أن لديهم معايير فنية تجعلها صالحة للطيران، والأعمار بيد الله فقط تسقط الطائرة الجديدة وتبقى الطائرة القديمة في الجو، وقد ينفجر الإطار الجديد والإطار القديم تسير بها مئات الكيلومترات. فعندما تأتي المنية لا يردها لا طائرة جديدة ولا سيارة مصفحة ولا حرس وقد سمعت مثلاً يقول: "يموت الحارس ويبقى المحروس"

وحتى لا أبحث عن فندق بعد وصولي طلبت من إدارة مركز الدراسات الشرقية الحديثة في برلين أن يحجزوا لي في فندق قريب من مقر المحاضرة، وفعلوا ذلك وكان الفندق بالفعل قريباً، ولكني قمت في الصباح الباكر وكان الجو ماطراً وسرت في الشوارع القريبة، حتى إذا ضعت أو ظننت أنني ضعت أخذت تاكسي ليأخذني إلى مقر المحاضرة. وهناك عرفت كيف أرجع إلى الفندق. وعرفت أن الشارع الرئيسي في المنطقة اسمه فردريك أو فردريتش سترات، وفيه محطة قطار المترو كبيرة تنطلق منها خطوط عديدة إلى معظم مناطق برلين الشرقية والغربية.

وفي أثناء تجوالي في برلين الشرقية وجدت أن فيها بعض الكآبة والمشروعات غير المكتملة والأراضي غير المعمورة أو البور، كما وجدت أن أعمدة الإشارات الضوئية غير مثبتة في الأرض وإنما موضوعة على الرصيف وعليها أجسام ثقيلة لتثبيتها. لم أجد منتصف برلين الشرقية مزدحماً أو فيه تلك الحيوية والنشاط التي أعرفها في المدن الأوروبية التي زرتها، حتى باليرمو عاصمة جزيرة صقلية رغم تخلفها عن بقية المدن الأوروبية لكن فيها حيوية الشرق والعالم العربي.

أما الفندق الذي نزلت فيه فتملكه كنيسة أو شركة كنسية حيث فيه قاعة للصلاة النصرانية يتوسط أحد جدرانها صليب كبير. ولو لم أنزل إلى غرفة الإنترنت لما رأيت تلك الغرفة. ووجدت في الغرفة إنجيل لم أعرف لأول وهلة أنه إنجيل لكثرة الصور الفوتوغرافية فيه، ومن الصور صورة خرائط جغرافية وصور لأشخاص في مهن مختلفة، وصور لرياضيين وصور لعروس وغيرها من الصور. ولكني فحصت عناوين الفصول فعرفت أنه الإنجيل. وفي داخله كرت صغير يقول قبل أن تبدأ برحلتك السياحية للتجول في المدينة زر الكنيسة في الفندق أو ابدأ يومك بالعبادة. وهنا تساءلت هل يمكن لجمعية خيرية إسلامية أن تستثمر أموالها في الصناعة الفندقية؟ هل يسمح لها عدو "الإرهاب" الكبير أن تمارس التجارة. ومن الجميل في الفندق رغم أن فيه قنوات تلفزيونية ألمانية تعرض إعلانات للجنس لكنه يمتنع عن وضع قناة التلفزيون المدفوع للأفلام بأنواعها. كما علمت في زيارتي ذات مرة لجامعة نيويورك أن الجامعة تستثمر بعض أموالها في قطاع الفنادق وذلك حينما طلبت منهم أن يستضيفوني لأحضر ندوة عندهم. فهم عادة يكتفون بالمشاركات المحلية لأن أمريكا قارة ولكني أصررت أن أشارك وبشرط أن تكون الاستضافة فأفادتني المديرة المشاركة أن الجامعة تملك أسهماً في الفندق. أين استثمارات جامعاتنا حتى تنفق على الأساتذة والبحث العلمي بسخاء؟

وفي أثناء تجوالي في برلين الشرقية وجدت أن بعض الشركات الكبرى أسست مقار لها في هذا الجزء كما هي خطة لنقل برلين الشرقية من حياة التقشف والفقر التي كانت فيها إلى حياة الترف والرفاهية للغرب، وربما يوجد الآن أثرياء في برلين الشرقية لكنهم أكثر في الغربية. كما شاهدت لوحة على مبني للمركز الفرنسي الألماني لبحوث العلوم الاجتماعية. وكم كان بودي أن أدخله لأتعرف على نشاطاتهم وما يقومون به من أعمال. لكن الفكرة أعجبتني فأين مراكز البحوث المشتركة في بلادنا العربية الإسلامية. والطريف أن اسم المركز مكتوب باللغتين الفرنسية والألمانية

كان موعد المحاضرة التي قدمت من أجلها إلى برلين هي (الحرية الأكاديمية في الولايات المتحدة بين الإكراه والخصخصة: دراسة حالة الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية في الجامعات الأمريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م" الساعة السابعة مساءً وقد حضرت قبل الموعد بقليل وفي أثناء تجولي في ممرات المبنى الذي تقام فيه المحاضرة رأيت إعلاناً عن أربع محاضرات لمركز الدراسات البريطانية ودونت بعض العناوين ووقع في نفسي رغبة في زيارة هذا المركز لأعرف كيف يدرس الألمان البريطانيين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير