المعاصي أبدًا ما أبقيتني، وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا تُرام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بكتابك بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك، وتعينني عليه، فإنه لا يعين على الخير غيرك، ولا يوفق لذلك إلا أنت، تفعل ذلك ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا تجاب بإذن الله عز وجل، وما أخطأت مؤمنًا قط، فأتى رسول الله بعد ذلك لسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن، فقال النبي «مؤمن ورب الكعبة، علم أبا حسن»
وأخرج هذا الحديث الإمام ابن الجوزي في «الموضوعات» فقال
«أنبأنا ظفر بن علي الهمداني، أنبأنا أبو منصور محمود بن محمد بن إسماعيل الصرفي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن إبراهيم القرشي، حدثنا أبو صالح عن عكرمة عن ابن عباس قال قال عليّ يا رسول الله، إن القرآن يتفلت من صدري» القصة
قال ابن الجوزي «هذا حديث لا يصح، ومحمد بن إبراهيم مجروح، وأبو صالح لا نعلمه إلا إسحاق بن نجيح وهو متروك»
قُلْتُ قال الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تحقيقه لـ «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» للشوكاني ص كتاب «الصلاة» ح «ذكره ابن الجوزي وقال محمد بن إبراهيم مجروح، وأبو صالح إسحاق بن نجيح متروك، فتحصل من هذا أن هشام بن عمار قد روى الخبر لكن بهذا الإسناد التالف»
قُلْتُ وأورد هذا الحديث أيضًا الشيخ الألباني في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» من هذا الطريق، وعزاه لابن السني في «عمل اليوم والليلة»، والطبراني في «المعجم الكبير»، والعقيلي في «الضعفاء»، وأعله بأبي صالح وقال «وأبو صالح هو إسحاق بن نجيح الملطي، وهو وضاع دجال»
قُلْتُ وبيان هذا الوضع بيّنه الإمام الذهبي في «الميزان» ترجمة حيث قال «إسحاق بن نجيح الملطي، وكنيته أبو صالح
قال أحمد هو من أكذب الناس، وقال يحيى معروف بالكذب ووضع الحديث، وقال يعقوب الفسوي لا يكتب حديثه، وقال النسائي والدارقطني متروك، وقال الفلاس كان يضع الحديث صراحًا» اهـ
قلت وهذا الطريق لا يزيد القصة إلا وهنًا على وهن
وبهذا التحقيق تصبح القصة واهية لما فيها من تدليس تسوية وهو من أشر أنواع التدليس، وبما فيها من كذابين، كما بيّنا من التحقيق
ومن أراد أن ييسر الله له حفظ القرآن الكريم، وتيسير العمل به، فعليه بتقوى الله؛ لقوله تعالى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ البقرة
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
أسأل الله أن يكون الحق في المسألة قد اتضح وأن يعيننا على قبوله ويجعل عملنا خالصا لوجهه
فهذا حكم أهل الاختصاص وأرى أن الشيخ وضح مسألة تدليس التسوية جيدا
ولست استغرب هذة الإطالة في هذا الموضوع من الأعضاء خاصة شيخي أبو صفوت والدكتور أبو بكر خليل فنسبة كلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم أونفيه ليس بالأمر الهين
فنحن نحسن الظن بالجميع وأن غرضنا جميعا الوصول للحق وليس الانتصار للنفس أو
أو الادعاء والكذب على النبي
وبعد كلام علمائنا في هذا الحديث فمن نظر في طريقة عرضه يجد أنه يشبه الأحاديث الموضوعة في فضائل الأعمال ولو عرض على أحد من أهل الحديث الذي له درايه بحديث النبي لشعر بغرابته وبعده عن كلام النبوة