تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أيها الناس: ألا فليخرس لسان هذا الكذاب الأشر، فلو كان على الناس إمام عادل لأمر بجلبه معصوب العينين مكبل اليدين مسحوباً من لسانه إلى دار القضاء ليستتاب، فإن رجع وإلا فمنصة الإعدام بحد الردة. فالعلماء غير معصومين عن الخطأ والوهم ولربما الخيانة والطعن في الدين. فالواجب اجتناب زلاتهم، وعدم الاقتداء بهم فيها، بل ومحاسبتهم أشد الحساب عليها. وقد حذر السلف من زلة العالم، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثلاث يهدمن الدين: زلة عالم، وجدال منافق، وأئمة مضلون. وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة ضلالة على لسان الحكيم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ويل للأتباع من زلة العالم. قيل: وكيف؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه، فيلقى من هو أعلم منه برسول الله فيخبره فيرجع، ويقضي الاتباع بما حكم. وقد أجمع أهل العلم على تحريم تلقط الرخص المترتبة على زلات العلماء، قال سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع الشر كله. وعلق ابن عبد البر على ذلك بقوله: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً. وقال الأوزاعي: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام. فزلة عالم قد تهدم الدين إذا اتبعت، وعن عمر مرفوعاً: إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان. وقال معاذ: إحذر زلة العالم، وجدال المنافق".

أيها الناس: إن مثل الترابي في أقواله الشاذة كمثل الكلب الذي ضربه الله في القرآن الكريم حيث شبه الله تبارك وتعالى بلعام بن باعوراء فى دناءته وحقارته بالكلب فى أخس وأحقر حالاته، أي فى تعبه ولهثه وشقاوته، وليس في وفائه. فالكلب دائماً وفى كل الحالات يلهث، وبلعام هو مثل لكل من آتاه الله عز وجل آياته وعلمه العلم النافع، فترك العمل به، واتبع هواه، وآثر سخط الله على رضاه، ودنياه على أخراه، ولذلك شبهه بالكلب لأن الكلب همته لا تتعدى بطنه. وتشبيه كل من آثر الحياة الدنيا على رضا الله والحياة الآخرة بالكلب اللاهث باستمرار، يدل على مدى جشع وشدة لهث ذلك الكافر المنسلخ من آيات الله على الدنيا، وهو لهاث مستمر لا ينقطع على المتاع الزائل. قال سبحانه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ}.

فالترابي وأمثاله من علماء السوء هم الغاوون، وهم اللاهثون وراء السراب الأمريكي الصليبي الحاقد على الإسلام، يريدون أن يبدلوا كلام الله، ويريدون أن يجعلوا دين الله دينين، ديناً وسطياً، وآخر متطرفاً. ويْله من الله، ومرّغ أنفه في تراب جهنم إن لم يتب ويرجع، ما ضرُّه لو بقي ساكتاً عن المنكرات التي ملأت بلاد المسلمين شرقاً وغرباً، من ذبحٍ للمسلمين، واحتلالٍ لبلادهم، واعتداءٍ على مقدساتهم، واغتصابٍ لنسائهم، وأنظمةٍ تحكم بغير ما أنزل الله، وحكامٍ لا يهتدون بهدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقعودٍ للجيوش عن نصرة المسلمين. ما ضره لو بقي ساكتاً كسكوت أقرانه من أشباه العلماء يتقلبون في نعمة أسيادهم الحكام الزائلة؟ ولكنه أبى إلا أن يكون رأساً في الباطل، وينطق بالكفر البواح الذي إن اعتقد صحته حُكم بردته وحل دمُه.

(الخطبة الثانية) أيها الناس: من أصدق هذا الدعيُّ أم اللهُ القائل: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءَكم المؤمنات مُهجِراتٍ فامتَحِنوهُنَّ، الله أَعلَمُ بإيمانهِنَّ، فإن علِمتُموهُنَّ مُؤمنِاتٍ فلا تَرجِعوهُنَّ إلى الكُفّار، لا هُنَّ حِلٌّ لهم ولا هم يحلُّون لهنَّ)؟ ومن أصدق هذا الغويُّ أم الله القائل: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)؟ ومن أصدق هذا الشقي أم الله القائل: {وقل للمؤمنات يغضضن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير