ـ[أبوأيمن]ــــــــ[03 - 04 - 2005, 01:22 م]ـ
أستاذنا الكريم / قمر لبنان شكرا لك على إضافاتك الرائعة
الأستاذ العلم / الأغر، مازلت مستمتعا بمشاركاتكم البارعة زادكم الله من علمه وفضله
قلتم
لا أجد مسوغا لتسمية (إن) هذه بالوصلية
صدقت أستاذنا الأغر، لا مسوغ لتسميتها بالوصلية فهي الزائدة إذن
قال رؤبة العجاج:
إِنِّي وَكُنْتُ الشاعِرَ المُسْتَنْطَقا ... أَنْسُجُ نَسْجَ الصَنَعِ المُحَقَّقا
وقال المرقش الأكبر
ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واقٍ وحاتِمْ
وقال لبيد
غَلَبَ العَزاءَ وَكُنتُ غَيرَ مُغَلَّبٍ ... دَهرٌ طَويلٌ دائِمٌ مَمدودُ
وقال الأخطل
فَلَمّا أَن سَمِنتَ وَكُنتَ عَبداً ... نَزَت بِكَ يا اِبنَ صَمعاءَ النَوازي
قلتم
فهي الشرطية محذوفة الجواب:
هو أقوى الوجوه، وأسهلها تخريجا وتقديرا إن شاء الله
قال عمرو بن خثارمٍ البجلي:
إنك إن يصرع أخوك تصرعُ ... إني أنا الداعي نزاراً فاسمعوا
والتقدير إن يصرع أخوك فإنك تصرع
وكذلك: إن كنت الأخير زمانه فإني لآت بمالم تأت به الأوائل
أما أن تكون "إن" شرطية الواو للحال ففيه نظر،
وهل يأتي الحال جملة شرطية؟؟ وما تقدير البيت إذن؟؟
ولكم محبتي
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[04 - 04 - 2005, 10:10 ص]ـ
أخي الميمون أبا أيمن زاده الله يمنا وإيمانا
الجملة الشرطية تقع حالا لأنها تقع خبرا وما جاز أن يقع خبرا جاز أن يقع حالا في الغالب وكذلك ما جاز أن يقع صفة يعني أن الخبر والحال والصفة بينها تآخ في المعنى لأن الحال والصفة نوع من الإخبار ألا ترى أننا إذا قلنا زيد ظريف فقد وصفناه وبينا شيئا من حاله وكذلك إذا قلنا أقبل زيد مسرعا فكأننا أخبرنا وقلنا: زيد مسرع في إقباله وهكذا نجد العلاقة قوية بين هذه المعاني المقتضية للإعراب.
ففي الخبر نقول: زيد إن تأته يكرمك، وفي الصفة نقول: مررت برجل إن تسأله يعطك، وفي الحال نقول: هذا هو الأمير إن سألته أعطاك.
قال عامر الخصفي المحاربي:
أولئك قومي إن يلذ ببيوتهم ***** أخو حدث يوما فلن يتهضما
فالجملة الشرطية هنا حال والعامل فيها معنى الإشارة على رأي أو تمام الكلام على رأي. كقوله تعالى: وهذا بعلي شيخا.
ومما وقعت فيه الجملة الشرطية صفة قول متمم بن نويرة:
نعيت امرأ لو كان لحمك عنده ***** لآواه مجموعا له أو ممزعا
ومما وقعت فيه الجملة الشرطية خبرا قول متمم أيضا:
وكان إذا ما الضيف حل بمالكٍ ****** تضمنه جارٌ أشمّ منيع
فاسم كان ضمير الشأن والجملة الشرطية بعد كان خبر لها.
ومن وقوع الجملة الشرطية حالا قول سويد بن أبي كاهل اليشكري:
ورأى مني مقاما صادقا ***** ثابت الموطن كتّام الوجع
ولسانا صيرفيا صارما ***** كحسام السيف ما مسّ قطع
فجملة (ما مس قطع) شرطية حال من حسام السيف
فالجملة الشرطية تقع حالا وتقع صفة وتقع خبرا ولكن هل يجوز أن تتصدر بواو الحال؟
الحق أنني لم أجد من درس تفصيل وقوع الجمل الشرطيةة حالا وقد تعرض ابن مالك إلى بيان الفرق بين الجملة الحالية والاعتراضية وبين كثيرا من أوجه الجمل التي تقع حالا في شرح التسهيل ولكنه لم يذكر بينها الجملة الشرطية فمسألة تصدر الجملة الشرطية الواقعة حالا بالواو تحتاج إلى مزيد من التأني والبحث والدرس.
على أن الموضوع الذي بين أيدينا وهو ما سميته بالشرط المحذوف الجواب الواو في هذا الأسلوب لازمة وهي ليست واو الاعتراض بدليل أنها تأتي متأخرة كقول معاوية بن مالك الكلابي:
إذا نزل السحاب بأرض قوم ***** رعيناه وإن كانوا غضابا
وقول بشر بن أبي خازم:
سنمنعها وإن كانت بلادا ***** بها تربو الخواصر والسنام
وقول عبد قيس بن خفاف:
وأعلم بأن الضيف مخبر أهله ****** بمبيت ليلته وإن لم ُيسأل
فهذه الواو ليست اعتراضية وإنما هي إلى الحالية أقرب لأنها بمعنى في حالة كذا أو مع أمر كذا.
ويبعد أن تكون (إن) هنا المخففة من الثقيلة لأنها لوكانت المخففة لوجب مجيء اللام الفارقة بعدها كقوله تعالى: وإن كنا عن دراستهم لغافلين.
وهذه الواو لا يجوز حذفها لأن المعنى المراد قائم على وجودها ففي قول علقمة:
بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا ****** عريفهم بأثافي الشر مرجوم
لو حذفنا الواو لاختل المعنى المراد ولأصبح المعنى أن عريف القوم مرجوم في حالة العز والكثرة فقط وليس هذا هو المراد وإنما هو يريد أن يقول لا ينفع العز والكثرة فالهلاك لاحق برئيس القوم مع عزهم وكثرتهم.
وهذه الواو تشبه العاطفة أيضا فكأن سائلا سأل بعد ما قلنا: كل قوم عريفهم مرجوم بالشر: هل يحدث هذا لمن عزوا وكثروا؟ فقيل نعم كلهم كذلك وإن عزوا وإن كثروا. أعني أن المعنى الأصلى للواو وهو مطلق الجمع ملحوظ في هذه الواو وهو ملحوظ في معنى واو الحال أيضا فقولنا: أقبل زيد وهو ضاحك فيه معنى الجمع بين الإقبال والضحك.
هذا ما جال في الخاطر، والأمر مازال محتاجا لتأمل الناظر، والحمد لله على نعمه التي تعيي المحصي الحاصر، وصلى الله على نبيه ماحي الظُّلَم عن النواظر، وآله وصحبه ذوي المناقب والمآثر.
¥