تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أولاً: إنَّ جملة الشرط الجازم إذا كان مبتدأ، لا محل لها في أي موضع من المواضع، وكيفما تقلبت بها الحال، إلاَّ في هذا الموضع الذي تكون فيه في محل رفع خبرا للمبتدأ، فلا تنازع عليها بين عاملي الجزم والرفع، شأن جملة الجواب، وإنما هي في حالة واحدة من ثلاث حالات مطردة:

الأولى: أنها ليست بذات محل إذا كانت أداة الشرط حرفا.

الثانية: أنها في محل جر بالإضافة، إذا كان اسم الشرط ظرفا.

الثالثة: أنها في محل رفع على الخبرية إذا كان اسم الشرط مبتدأ.

والاطراد وتجنب الشذوذ أولى بالاتباع.

ثانيا: إنَّ الجملة تبقى في إطار ما اصطلح جمهور النحاة عليه، من كونها مركبة من كلمتين، أسندت إحداهما إلى الأخرى، فلا نضطر إلى مخالفتهم بابتداع جملة جديدة، مركبة من جملتين تركيبا ليس شأنه شأن الجملة الكبرى، لأنهما في الأصل جملتان مستقلتان، لكل منهما علاقة إسنادية بين ركنيها، ولو حجبنا الشرط الداخل عليهما لعادتا قائمتين بلا إخلال.

ثالثا: إنَّ اسم الشرط وفعله يُكوِّنان جملة تامَّة الإسناد، ولكنها ليست تامَّة المعنى المقصود بها بعد دخول الشرط، وقد كانت تامَّة قبله.

وذلك لأنَّ وظيفة الشرط أصلا أن يجعلها متبوعة بجملة ثانية، تكمِّل معناها.

بل إنَّ معناها الذي كانت مستقلة به قبل دخول الشرط أصبح كله سببا، أو علَّة لحصول معنى جملة ثانية مستقلة بمعناها، فتلازم المعنيان بالشرط بعد أن كانا مستقلين قبله.

وقد أشار العكبري، في شرحه لـ" إيضاح " الفارسي، إلى تلازم جملتي الشرط والجواب، فقال:

(ويُنزَّل الشرط مع الجزاء بمنزلة العلَّة مع المعلول).

وقال ثانية:

(إنَّ حرف الشرط يوجب حاجة الجملة الأولى إلى جملة أخرى، لأجل التعليق، بحيث لو اقتصرت على إحداهما لم يكن كلاما، ولولا " إنْ " لكانت الجملة الواحدة كلاما) انتهى

وقوله: " لأجل التعليق "، هو ما وضَّحه ابن هشام في " المباحث المرضية "، حين قال:

(الصحيح أنَّ خبر اسم الشرط هو جملة الشرط، لا جملة الجواب)

وعزا الظنَّ بأن الخبر هو الجواب إلى التوهُّم، وقال:

(وجواب هذا التوهُّم، أنَّ الفائدة إنما توقفت على الجواب من حيث التعليق لا من حيث الخبرية) انتهى كلامه – رحمه الله -.

ويتَّضح من هذا، أنَّ جملة فعل الشرط وحدها هي الخبر للمبتدأ، الذي هو اسم الشرط، وقد كانت خبرا قبل دخول الشرط، للاسم الذي كان قبله غير مضمَّن معنى الشرط، وكون " مَن " مضمَّنة معنى الشرط، لا يلغي خبرية ما بعدها، كما لم يُلغ الاستفهام الذي ضمَّناه لـ" مَن " خبرية الجملة التي بعدها له.

فقولنا: " زيدٌ قام "، يساوي قولنا: " مَن قام؟ " في كون جملة " قام " خبرا لِما قبلها، ودخول الأدوات: الحروف، أو الأسماء المضمَّنة معاني الحروف، لا يُخلُّ بتركيب الجمل، ولا يجعل من الجملتين جملة واحدة، لِما في ذلك من خروج عمَّا أصَّله النحاة، ومخالفة لِما اصطلح عليه جمهورُهم، من معنى الجملة ودخول الشرط على الجملتين لا يخلخل العلاقة الإسنادية في كل منهما، بل يبقيها، ولكنه يجعل حصول الثانية من حيث المعنى متوقفا على حصول الأولى، لأن أسلوب الشرط أصلا يقتضي ذكر جملة ثانية تتمُّ معناه، كما أنَّ الاسم الموصول الواقع فاعلا أو خبرا لا يكتمل المعنى به، لأنه يقتضي ما يحتاج إليه من الصلة، والصلة في اتفاق الجميع ليست جزءا من الاسم الموصول من حيث الإعراب، ولكنها لازمة له من حيث المعنى.

وبهذا يتبيَّن أنَّ هذا الرأي يُبقي للقاعدة اطرادَها، وللمنهج سداده، والله أعلم.

وأودُّ مناقشة مقال الدكتور الفاضل / " فخر الين قباوة "، حول رأيه عن مذهب ابن هشام، ولم يتيسَّر لي الاطِّلاع على مقال الدكتور المخزومي، وما أراه يبعد عن مقال قباوة.

جاء في " إعراب الجمل، وأشباه الجمل "، للدكتور فخر الدين قباوة

(وقد يكون خبر المبتدأ تركيبًا مكوَّنًا من جملتين، وذلك إذا كان المبتدأ اسم شرط جازمًا، نحو قول زهير:

ومَن يَعصِ أطرافَ الزِّجاجِ فإنه * يُطيعُ العوالي رُكِّبتْ كلَّ لَهْذَمِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير