أقول: عفوًا - أيها الفاضل -، لم يحمل ابن هشام، اسم الشرط على اسم الاستفهام، كما يبدو لك، بل رأى أنَّ فعل الشرط هو الخبر، وتوقُّف الفائدة على استكمال جواب الشرط، من حيث التعليق، لا من حيث الخبرية.
ثمَّ ها أنتَ تَحملها على الاسم الموصول، وتزعم أنَّ الصواب أن يكون الخبر جملتي الشرط وجوابه، وبهذا أدخلت جملة الصلة، التي لا محل لها من الإعراب، وأدخلت جملة الجواب التي صار لها أكثر من محل.
أرأيتَ كيف لم يَسْلم مذهبك من النظر والضعف؟، والله أعلم.
بقي أن أذكر بعض مذاهب أهل العلم، في اختيار خبر اسم الشرط.
رجَّح أبو البقاء العكبري في " تبيانه "، والسمين الحلبيُّ، في " دُرِّه "، إلى أنَّ جملة فعل الشرط وحدها هي الخبر.
وهو ما صحَّحه الصبان في " حاشيته " على شرح الأشموني.
وما ذهب إليه ابن آجروم، في " إعراب القرآن الكريم "
والشيخ محمد الأهدل، في " الكواكب الدرية "
والغلاييني، في " جامع الدروس العربية "
وهو ظاهر قول السيوطي، في " همع الهوامع "
وهو ما رجَّحه الأستاذ عباس حسن، في " النحو الوافي "
وذهب الهرويُّ، في " الأزهية في علم الحروف "
وابن يعيش، في شرحه على " المفصل " للزمخشري، إلى أنَّ جملتي الشرط وجوابه، هما الخبر.
وهو ما يراه، الأستاذ محمد محي الدين عبد الحميد، في إعراب شواهد " أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ".
والأستاذ محي الدين الدرويش، في " إعراب القرآن الكريم ".
والدكتور فخر الدين قباوة، في " إعراب الجمل، وأشباه الجمل "
ويرى الأستاذ سعيد الأفغاني، في " الموجز في قواعد اللغة العربية "،
والدكتور حسني عبد الجليل يوسف، في " إعراب الأربعين حديثًا النووية "، أنَّ جواب الشرط هو الخبر.
بارك الله في علمائنا جميعًا، ونفع بعلمهم، ورفع درجاتهم.
بقيَ أن أشير إلى أنَّ غالب هذا البحث، مرجعه كتاب " المباحث المرضية " لابن هشام، بتحقيق الدكتور مازن المبارك.
و" الجملة الشرطية عند النحاة العرب "، لإبراهيم سليمان الشمسان.
مع خالص التحية
ـ[رياض]ــــــــ[26 - 03 - 2005, 03:23 م]ـ
((((((((بارك الله في علمائنا جميعًا، ونفع بعلمهم، ورفع درجاتهم.)))))))))
وبارك فيك ونفع بعلمك ورفع درجتك
ـ[سمط اللآلئ]ــــــــ[26 - 03 - 2005, 04:30 م]ـ
ما شاء الله، لا قوة إلا بالله ...
البحاثة النابغة / حازم
جزاكم الله خيرا على هذا البحث القيِّم، الذي أجدتم فيه، وأفدتم ...
أسأل الله تعالى أن يبارك في علمكم، وينفع بكم دينه، وكتابه ...
" ويرحم الله عبدًا قال آمينا " ...
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[26 - 03 - 2005, 06:27 م]ـ
أحيانًا يمسي التعليق مُذْهِبًا شيئًا من جمال الموضوع وقيمته، لذا أفضّلُ الإنصات إلى أهل العلم.
مع تحية تعظيم لأستاذنا حازم، زاده الله من فضله.
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[27 - 03 - 2005, 12:58 ص]ـ
فأَرْسَلَها العِرَاكَ ولم يَذُدْهَا * ولم يُشفِق على نَغَصِ الدِّخال
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[27 - 03 - 2005, 01:11 ص]ـ
الأستاذ الكبير حازم حفظه الله وزاده علما ونفع به
لقد أجدت في تفصيل الآراء في هذه المسألة ولكن بقي أمر قد يساعدنا في الترجيح وهو أن الشرط المجرد يعلق جملة الجواب بجملة الشرط والذي يؤدي هذه الوظيفة حرف الشرط (إن) فهذا الحرف يجعل جملة الشرط والجواب بمثابة جملة واحدة تسمى الجملة الشرطية وهي النوع الثالث من أنواع الجمل بحيث يصح تأويل الجملتين بخبر كقولنا: زيد إن تأته يكرمك، فهذا معناه: زيد مشروط إكرامه بالإتيان، ولا يصح أن نجعل الخبر جملة الشرط وحدها ولا جملة الجواب وحدها وإنما الخبر هو الجملة الشرطية التي تتألف من جملتين صارتا جملة واحدة بحرف الشرط، ونحن نعلم أن الذين ذكروا الفرق بين الكلام والقول قالوا: جاء زيد، كلام تام، و: إن جاء زيد، قول لا كلام، لأنه لا يفيد، فلا أظن أن يتعارض قولنا باستقلال الجملة الشرطية عن الفعلية والاسمية مع ما هو مقرر عند النحويين من معنى الجملة أو الكلام.
أعود إلى تكملة الأمر الذي بدأته وهو أن أسماء الشرط تختلف عن حرف الشرط فهي تدل على شيء مع دلالتها على الشرط أي فيها الدلالة على أمرين: الاسمية وتضمن معنى (إن) والاسمية تقتضي أن يكون لها محل من الإعراب فإذا وقع اسم الشرط مبتدا كان بحاجة إلى خبر يتم به المعنى فلذلك قدروا أن معنى: من جدّ وجد: كل واحد إن جدّ وجد، فجعلوا الجملة الشرطية المصدرة بإن هي الخبر وهي مؤلفة من جملتي الشرط والجزاء، ويؤيدهم أنه لا بد أن يكون في كل جملة منهما ضمير يعود للمبتدأ فلا يجوز مثلا أن تقول: من يكرم زيدا يكرم بكرٌ عمرا، لذلك أرى اختيار أستاذنا القدير فخر الدين قباوة له ما يسوغه وهو في نظري أقوى من اختيار ابن هشام ويأتي بعد هذا الرأي رأي من قال: جملة الجواب هي الخبر.
أما قولهم بأن لكل جملة إعرابها فجملة الشرط لا محل لها وكذلك جملة الجواب ما لم تقترن بالفاء أو إذا الفجائية فليس بحتم أن يكون الأمر على ما ذهبوا إليه فإن حكمنا على جملتي الشرط والجزاء بأنهما جملة واحدة قبلها (إن) مقدرة معنى لا نحتاج إلى إعراب آخر لهما وأما قولهم: إن جملة الجواب في محل جزم إن اقترن بالفاء فأمر عجيب لأنه يقدر بفعل مضارع، والفعل جملة وليس مفردا لأنه لا يتصور الفعل بلا فاعل وهم يقولون: يكون للجملة محل إن أمكن أن يقع محلها المفرد أي الاسم، والجزم من خواص الأفعال فكيف يكون محل هذه الجملة الجزم.
هذا والأمر فيه تفصيل أكتفي بما أوردت لعله يضيف بعض الفائدة لما ذكرته أيها الأستاذ الكريم.
¥