دع عنك تفصيل ترابط الجمل الكبرى بالصغرى فذلك أمر يعلمه الشداة في هذه الصناعة ولكن ما المانع أن تصير جملتا الشرط والجزاء جملة واحدة بحرف الشرط وإن كانتا في الأصل جملتين، ألا ترى أنه لا يمكن أن نقول في قولنا: زيد إن تسأله يعطك: إن جملة الشرط الفعلية وحدها الخبر وجملة الجواب متعلقة بجملة الشرط، ولا أدري أهو كتعلق المضاف إليه بالمضاف أم كتعلق الصلة بالموصول!
وكذلك قولنا: من يسألني أعطه، يكون مجموع الشرط والجزاء الخبر، كأنك قلت: زيد إن يسألني أعطه، فـ (من) تقوم مقام (زيد) و (إن) معا، ولكن الفرق أن المبدوءة بزيد جملة اسمية خبرية والمبدوءة بـ (من) شرطية لأن المبتدأ تضمن معنى الشرط.
لنعرب قول الأخطل:
إنّ من يدخل الكنيسة يوما يجد بها جآذرا وظباء
على رأي ابن هشام (من) مبتدأ وجملة (يدخل) الخبر وجملة (يجد) لا محل لها من الإعراب ولكن تابعة أو متعلقة بجملة (يدخل) لا غنى عنها، والجملة الاسمية (من يدخل الكنيسة) مع الجملة التابعة لها أو المتعلقة بها في محل رفع خبر (إنّ) التي اسمها ضمير الشأن.
وعلى رأي أستاذي فخر الدين قباوة ومن سبقه: (من) مبتدأ وخبره جملتا الشرط والجزاء وجملة (يدخل) لا محل لها من الإعراب وكذلك جملة (يجد) وجملة (من يدخل .... يجد) في محل رفع خبر (إن)
فليس بينهما فرق كبير
وأقول لا حاجة إلى إعراب الجملتين داخل الجملة الشرطية ما دمنا جعلناهما خبرا لاسم الشرط يعني يكون الإعراب في رأيي المتوضع [على قول الدكتور غازي القصيبي]
(من) مبتدأ وما بعده (الشرط والجزاء) الخبر، والجملة الشرطية (من يدخل يجد) خبر (إن) ولا حاجة إلى أن نعرب جملة الشرط وجملة الجواب لأنهما سدا مسد الخبر.
بقي الإشكال الذي أوردته وهو قولك:
(أمَّا فصل اسم الشرط على أنه مبتدأ، وإعراب ما تبقَّى من الجملة الشرطية، على أنه جملة واحدة، بعد أن انفصل اسم الشرط عنها، فهذا يناقض تأصيلكم: أنَّ وجود اسم الشرط هو الذي يجعل الجملتين جملة واحدة.)
فأقول إن اسم الشرط متضمن معنى الشرط وهذا المعنى هو الذي يجعل الجملتين جملة واحدة فاسم الشرط كما ذكرت ينظر إليه باعتبارين الأول أنه اسم فيمكن أن يكون مبتدأ أو مفعولا أو مضافا إليه أو مجرورا بحرف الجر والثاني أنه متضمن معنى (إن) الشرطية فتجعل جملة الشرط والجواب جملة واحدة.
ومما يقوي أن الجملة الشرطية جملة واحدة وقوعها صلة الموصول كقولك: الذي إن تأته يأتك زيدٌ، وهو من أمثلة سيبويه.
وما ذكرته من قول سيبويه (حروف الجزاء تجزم الأفعال وينجزم الجواب بما قبله) دليل على أنه يرى أن الشرط والجواب يصيران جملة واحدة فأداة الشرط تعمل في فعل الشرط ثم إن الأداة مع فعل الشرط يعملان الجزم في الجواب فيصيران كلاما واحدا قد عمل بعضه في بعضه وهذه عبارة سيبويه أيضا.
فهل بعد هذا يستحيل أن يكون الشرط والجواب جملة واحدة عقلا ونقلا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
رويدك أخي الفاضل فهذا ابن هشام الذي تتغنى بإمامته يقول عن جملة القسم وجوابه إنهما مرتبطتان حتى صارتا كالجملة الواحدة وإن لم يكن بينهما عمل هذا قوله فكيف إذا كان بين الجملتين عمل؟
وأما قولك: (الأمر الثاني، إذا سلَّمنا أنَّ جملتي الشرط والجواب، جملة واحدة، فلماذا تقومون بفصلها حال إعراب جملة الجواب في محل جزم ..... )
فإني لا أعطي لجملة الجواب إعرابا لأني لا أعدها جملة مستقلة، وأختلف مع من يجعل لها محلا إن اقترنت بالفاء أو إذا الفجائية، وذلك أن الأصل في الجواب أن يكون فعلا فإن كان مضارعا جزم، ويكون العطف عليه بالجزم سواء وقع محل هذا الفعل المضارع فعل ماض أو جملة طلبية أو جملة اسمية فلا أقول بقول أستاذي فخرالدين عن فعل الشرط: جملة الشرط غير الظرفي ولا عن فعل الجواب: جملة جواب الشرط غير المقترن بالفاء أو المقترن بالفاء، كل هذا في نظري لا داعي له.
وأما عن عود الضمير من الشرط والجواب إلى اسم الشرط فهو الغالب والأمثلة التي ذكرتها الضمير في الجواب عائد إلى ما هو من سبب اسم الشرط
وفي الختام أتلو: (ولكلٍّ وجهة هو موَلِّيها) والله يوفقكم للسداد.
ـ[حازم]ــــــــ[07 - 04 - 2005, 08:35 ص]ـ
ومَن لا يُقَدِّمْ رِجْلَهُ مُطْمَئنَّةً * فَيُثبِتَها في مُسْتوَى الأرضِ يَزْلَقِ
الأستاذ الفاضل الألمعي / " الأغرّ "
رأيتُ حوارَك شَيِّقا، وما زال حرفُك متألِّقا
¥