و" زالَ " يجوز أن تكون التي عينها " ياء "، ويجوز أن تكون التي عينها " واو ".
فإن جعلتَها التي عَينها ياء، وهي التي حكاها سيبويه، فقال: " زايَلتُ: بارَحْتُ ".
فعلمتَ بقوله: " زايلْتُ "، أنَّ العين منها ياء.
ومعنى: زالَ زوالَها: سَلَبها اللهُ حَرَكتها، وعرَّاها منها، وهذا دعاءٌ بالهلاك، لأنَّ خُلُوَّ الحيوان مِن حَركتِه، في أكثر الأمر، إنما هو للموت، أو لِبليَّة تحلُّ به، وعلى هذا قالوا: " أسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه "، والنأْمة والنَّئيم: ضَربٌ من الحركة.
وممَّا يدلُّك على تَعدِّي " زالَ " هذه، قَول ذي الرمَّة:
وبَيضاءَ لا تَنحاشُ منَّا وأُمُّها * إذا ما رَأتْنا زِيلَ منَّا زَوِيلُها
فبناؤه للمفعول، يدلُّك على أنه مُتعدٍّ.
فأمَّا الزويلُ، فيجوز أن يكون لغة في الزوال، كما قالوا: صَحاح وصَحيح.
ويجوز أن يكون بناه للقافية، على فَعيل، كما قال الهذَليُّ: " خَريج "، في قوله:
أرِقْتُ لهُ ذاتِ العِشاءِ كأنَّهُ * مَخارِيقُ يُدعَى تَحْتهنَّ خَريجُ
ويجوز أن يكون " زالَ " في هذا القول، الذي هو خلاف " ثَبَت "، وعَينه واوٌ، وذلك لا يَخلو مِن أحَد أمرين:
إمَّا أن يكونَ أراد: " أزالَ " فحذف الهمزة، كما جاء: " دَلْوُ الدَّال "، في قوله:
غَيايةً غَثراءَ مِنْ أجْنٍ طالْ
يَجْفِلُ عَنْ جَمَّاتِهِ دَلْوُ الدَّالْ
و" مِن أجْوازِ لَيلٍ غاضِ "، ونحو ذلك، فالفعل، في حذف الهمزة منه، كاسم الفاعل.
وإمَّا أن يكون لغةً في " زالَ "، فتقول: زالَ وزِلْتُه، كما تقول: غاضَ وغِضْتُه، وسارتِ الناقةُ وسِرتُها) انتهى
والله أعلم
ختامًا، هذه المسألة شائعة في كتب اللغة والنحو، وقد اكتفيتُ بالنقل عن المصادر السابقة، ومن أراد الاستزادة، فيمكنه مراجعة " اللسان "، " تهذيب اللغة "، " الأضداد "، " التنبيه على حدوث التصحيف "، " المنصف "، وغير ذلك.
مع عاطر التحايا
ـ[حازم]ــــــــ[07 - 04 - 2005, 01:38 م]ـ
إذا بَلَغتْ رَكائِبُنا الأغَرَّ * فقدْ بَلَغتْ بِنا العِلْمَ الزُّلالا
فتىً لوْ مَدَّ نَحوَ الجَوِّ باعًا * وهَمَّ بأن يَنالَ الشُّهبَ نالا
الأستاذ الفاضل الجهبذ / " الأغرّ "
ما أروع اختيارك لهذه المشاركة.
ساطعة كالشمس، تشرح النفس، وتنشرُ في جَنَباتها البهجة والأنس
غالَبَني النومُ فغَلَبتُه، مِن أجلها.
وشْغلَتني الشواغلُ فشَغلْتُها، بِجَمالها
زادك الله علمًا ونورًا.
هَذا النَّهار بَدا لَها مِنْ هَمِّها * ما بالُها باللَّيلِ زالَ زَوالها
جاء في " العين ":
هذا النّهارَ بَدا لَها من هَمِّها * ما بالُها باللَّيلِ زالَ زَوالَها
ونصب " النَّهارَ " على الصفة.
اختلفوا فيما يعنيه، فقال بعضُهم: أراد به: أزالَ اللهُ زوالَها، دعاء عليها.
وقال بعضُهم: معناه: زال الخيالُ زوالَها، والعرب تلقي الألف، والمعنى: " أزال "، كما قال ذو الرمَّة:
وبَيْضاءَ لا تَنْحاشُ مِنَّا وأُمُّها * إذا ما الْتَقَيْنا زِيلَ مِنَّا زَوِيلُها
ولم يَقُلْ: أُزيل) انتهى
وقال أبو الحسن الأخفش، في " معاني القرآن ":
(والظرف هو ما يكون فيه الشيء، كما قال الشاعر:
هذا النهارَ بَدا لَها مِنْ هَمِّها * ما بالُها بِالليلِ زالَ زوالَها
نصب " النهارَ " على الظرف، وإن شاء رفعه وأضمر فيه.
وأما " زوالَها "، فإنه كأنه قال: أزالَ اللهُ الليلَ زوالَها) انتهى
وفصَّل المسألةَ، أبو علي الفارسيّ، في " كتاب الشِّعر ":
(قال محمد بن السَّرِيّ: رواها أبو عمرو الشيبانيُّ: " هذا النَّهارَ " بالنصب، وبالنصب أيضًا رواها أبو الحسن الأخفش.
وقال الأصمعيُّ: لا أدري ما هذا؟
وقال أبو عبيدة: قال أبو عمرو بن العلاء: " زالَ زَوالُها " بالرفع.
قال: صادف مَثَلا، وهي كلمة يُدعَى بها، فتَرَكَها على حالِها، ولم يَنظر إلى القافية.
وقال غيرُه: " زالَ زَوالَها "، وهي لغة.
قال: يقولون: زلتُ الشيءَ مِن مكانِه، فأراد: زالَ اللهُ زَوالَها.
وقال أبو عمرو الشيبانيُّ: " زالَ الهمُّ زوالَها "، دعا عليها أن يزولَ الهمُّ معها، حيثُ زالَتْ، انتهت الحكاية عن أبي بكر.
وحُكيَ أيضًا، عن محمد بن يزيد، في موضع آخر: يُقال: زِلتُ الشيءَ وأزَلتُه.
قال: فهذا، على هذا القول، دعا عليها، كأنه قال: زالَ زَوالَها، كما تقول: أزالَ اللهُ زَوالَها.
قال: هذا قول البصريين والكوفيين.
¥