ـ[أبوأيمن]ــــــــ[20 - 04 - 2005, 03:53 م]ـ
أستاذي العلم / الأغر ما الخلل في قول القائل: "هذه تلك الروضة التي كلمتك عنها"؟
أرجو الإفادة بارك الله فيكم
محبكم أبو أيمن
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[20 - 04 - 2005, 06:09 م]ـ
أخي أبا أيمن حفظه الله
الأصل في اسم الإشارة أن يشار به إلى حاضر ولا يشار به إلى الغائب وإنما يكنى عن الغائب بالضمير فيقال: هذه هي الروضة التي كلمتك عنها.
نعم قد ينزل البعيد منزلة الغائب ولكن لا حاجة إلى التأويل في الآية، وإذا كان الكلام واردا على الأصل مستقيما وبليغا فلا داعي لذكر الاحتمالات والتأويلات التي تنحرف به عن الأصل وتذهب ببلاغته.
ثم لو أريدت الإشارة إلى الجنة الموعودة لصرح بهذا المعنى كما ذكرت وإنما الآية مسوقة للإشارة إلى الجنة التي دخلوها وأورثوها فلا غل في الصدور وهذه الأنهار تجري من تحتهم، وإن كانت الجنة الموعودة هي نفسها الموروثة، كل قصدي أن الحديث هنا عن وراثة المؤمنين للجنة فلا داعي إلى إقحام مسألة الوعد مع أنه أمر صحيح ولكنه مستفاد من خارج هذه الآية وليس من هذه الآية نفسها.
والله أعلم.
مع تحياتي الطيبة.
ـ[حازم]ــــــــ[21 - 04 - 2005, 02:50 م]ـ
إذا وَصفَ الطَّائيَّ بِالبُخلِ مادِرٌ * وعَيَّرَ قُسًّا بِالفَهامةِ باقِلُ
وقالَ السُّهَى لِلشَّمسِ أنتِ ضَئيلةٌ * وقالَ الدُّجَى لِلصُّبحِ لَونُكَ حائِلُ
وطاوَلَتِ الأرضُ السَّماءَ سَفاهةً * وفاخَرتِ الشُّهْبَ الحَصَى والجَنادِلُ
فَيا مَوتُ زُرْ إنَّ الحَياةَ ذَمِيمةٌ * ويا نَفسُ جدِّي إنَّ دَهْرَكِ هازِلُ
نعم، رضي الله عنك – يابن جرير -، وعن علمائنا المباركين، الذين اقتفوا أثرَك، في إعراب هذه المسألة الدقيقة، التي تَندُّ عن الأذهان.
وعن بقيَّة العلماء، الذين لم يذهبوا إلى هذا الرأي، واكتفوا بتوجيه الآية على أحد القولين، ونفعنا بعلمهم جميعًا.
والله، إني لأعجبُ لمستور الحال في اللغة والنحو، بل وفي سائر ما يَعلم، يردُّ رأيَ العلماء الأفذاذ، الذين انتشر علمُهم، وعمَّ شرقًا وغربًا.
وهذه إحدى العظائم، التي ابتُلينا بها في هذا المنتدى الشامخ، ولا أدري ماذا يُرادُ به؟، إذا خلا واحدٌ منهم قامَ آخرُ، وكأنَّهم خرجوا من جحر واحد.
الله أكبر، " إنها السنَنُ "
لستَ وحدَك – يابنَ جرير – في هذه المسألة، ولم تأتِ بالغرائب، - كما يَفعل غيرُك -، ولم تَغفَل عن موضع الزُّخرف، ولكن هذا مبلغ الجاهلين من آرائهم، ومنتهَى فَهمم، وهذا – وايم الله - مردُّه عدم التوفيق من الله لنور العلم، فإنَّ للعلم نورًا، قال الله تعالى: {واتَّقُوا اللهَ ويُعلِّمُكُمُ اللهُ}.
أقول: لستَ وحدَك – يابنَ جرير، بل هو رأي أبي إسحاق الزَّجَّاج، في أحد قَوليه - وأعظِم وأكرم به من عالم جليل -، قال – رحمه الله -، في " معاني القرآن وإعرابه ":
({ونُودُوا أن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ} في موضع نصب، وهَهنا الهاء مضمرة، وهي مخففة من الثقيلة، والمعنى: " نودوا بأنه تلكم الجنة ".
والأجود – عندي - أن تكون في تفسير النداء، كأنَّ المعنى: " ونودوا، أن تلكم الجنة ".
أي قيل لهم: {تلكُمُ الجنَّةُ}، وإنما قال: {تلكُم}، لأنهم وُعِدوا بها في الدنيا.
فكأنه قيل: " هَذه تلكُم التي وُعِدتُم بها "
وجائز أن يكونوا عاينوها، فقيل لهم من قبل دخولها، إشارة إلى ما يرونه: تلكم الجنة.
كما تقول لِما تراه: " ذلك الرجل أخوك "
ولو قلتَ: " هذا الرجل "، لأنه يراك، جاز
لأنَّ " هذا وهؤلاء "، لِما قرُب منك.
و" ذاك وتلك "، لِما بعُد عنك، رأيتَه أو لم تره) انتهى
ووافقكما هذا الرأي، جهابذة من العلماء بعدكما:
فهذا الإمام أبو جعفر النحَّاس النحويّ، يرَى هذا القول.
وهذا أبو الحسن الواحدي، أستاذ عصره في علم التفسير، يقول به.
وهذا الإمام أبو الفرج ابن الجوزي القرشي البغدادي، يقرِّر ما قاله الزجَّاج، في تفسيره " زاد المسير في علم التفسير ":
(قوله تعالى: {لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ}، هذا قول أهل الجنة حين رأوْا ما وعدهم الرسل عيانا.
¥