ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 04 - 2005, 02:28 م]ـ
سمعا وطاعة أخي الحبيب أبا أيمن
فوالله ما كنت أريد أن تنحرف المحاورة عن مسارها الصحيح، وأنت تعلم من البادئ الأظلم، وما كنت أريد أن أذكر ما قيل عن الطبري والزجاج، ولكن وجدت أن الأمر بلغ ببعضهم إلى تقديسهما وتنزيههما عن الخطأ، فأردت أن أثبت لهم أنهما من البشر كانا يأكلان الطعام ويمشيان في الأسواق، وأنه لا معصوم من الخطأ إلا كل نبي مرسل فيما يبلغه عن ربه سبحانه وتعالى.
شكر الله سعيك في الدعوة إلى التعاون على البر والتقوى والانتهاء عن التعاون على الإثم والعدوان.
ودمت بخير لأخيك المحب
ـ[حازم]ــــــــ[28 - 04 - 2005, 03:55 م]ـ
وكُنتُ إذا غَمَزتُ قَناةَ قَومٍ * كَسَرتُ كُعُوبَها أوْ تَسْتَقيما
بفضل الله وتوفيقه، أرَى أنَّ تغيُّر الاتِّجاه في التمسُّك بالرأي الخاطئ، والاقتراب من الرأي الصائب، قد تحقَّق، وهو ثمرة هذه الجولات المتعاقبة من الردود، والإجابة عن الشبهات.
والحمد لله على هذه النتيجة الطيِّبة، ولا أطمع في المزيد.
{قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}
ولا بدَّ مِن أن يُنسَب الفضل إلى أهله، والفضل بعد الله، يعود إلى ذاك الفتَى الشَّهم، الذي أحسَب أنَّ اللهَ قد ملأ قلبَه نورًا، وصدرَه علمًا وفقهًا، ولسانه حكمة، هو ذاك " المهندس "، الذي قد أكرمني الله بصحبته، وشرَّفني بمعرفته.
فقد كان لردوده الأثر الفعَّال في تصويب الاتجاه، وتيسير الطريق، وتذليل المصاعب. رفع الله قدره، وأعزَّ شأنه.
فقد قيل عن إعراب الزجَّاج والطبري، في مسألة {تِلكُمُ الجنَّةُ} في أوَّل تعقيب عليها: في سياق خطاب الطبري-:
(هل وجدتَ مثل هذا الأسلوب في كلام عربي فصيح، يستشهد به لتفسير كتاب الله عزّ وجلّ؟).
ثمَّ قيل عنه، في آخر ردٍّ، وذلك بعد جولات من المناقشات، وتوضيح الإعراب:
(لا أزعم أنه خطأ محض، فما ذكره الطبري أمر محتمل ولكنه مرجوح)
أقول: الله أكبر، خطوة جيدة نحو الصواب، وليته قالها ابتداء، لكان النقاش أخذ منحى آخر.
أما قوله: " مرجوح "، ففيه نظر، إذ أنَّ القول المرجوح يقابله القَول الراجح، فأين القَول الراجح؟
الصواب، أنَّ في المسألة قَولين صحيحين، نصَّ عليهما الزجَّاج والطبريُّ، ومَن وافَقهما من علمائنا الأجلاَّء، ولكلِّ قَول مستقرٌّ ومآب، كما أنَّ لكلِّ أجل كتاب.
وقد بنَى علماؤنا هذين القَولين، لاختلاف مكان النداء، هل هو قبل دخول الجنَّة، أم بعد دخولها.
ولا يمكن لأحد أن يَجزم بواحد منهما، لأنها مسألة غيبيَّة، وهذا اجتهاد العلماء.
ولا أرَى أني بحاجة لأن أذكر الأٌقوال الصحيحة التي قيلت حول مكان النداء.
وقوله: (ولكن يؤخذ على الطبري رحمه الله، أنه أنكر بعض القراءات)
قلتُ: الحمد لله، قوله هذا حجَّة عليه، فقد سبق أن ذكرتُ وأكَّدتُ، أنَّ العالِم، إذا أخطأ في مسألة، أو وَهِم في قَول، تعقَّبه مَن جاء بعدَه، من علمائنا الأفذاذ، لأنَّ العلمَ أمانة، ولذلك قلتُ: لو كان ما ذهب إليه الزجَّاج ومَن وافقه، غير صحيح، لَما سكت العلماء عن ذلك، ولبيَّنوا للناس الخطأ.
وها هو يعترِف أنَّ العلماء تعقَّبوا الطبريّ، وردُّوا عليه وعلى غيرِه، حين أنكر بعض القراءات، وقد ألِّف كتاب في الردِّ على الطبريِّ.
ولهذا، فقد أصبح قوله " ولكن يؤخذ على الطبري " حجَّة عليه، ويقوِّي ما ذهبتُ إليه.
وأقول أيضًا: إنَّ كلَّ عالمٍ يُؤخَذ من قولِه ويُردُّ، وليس معنى ذلك، أننا نردُّ كلَّ ما قاله الطبريُّ.
وأعجب أشدَّ العجب، من ذكر بعض الجوانب في حياة الزجَّاج؟
هل يظنُّ أنَّ ما ذكره عنه، سيغِّير مَجرى الحديث، أو أن ننبذ رأيه في هذه المسألة؟
كلا، والله، فما ذكره، الله أعلم به، ولا نعلم مدى صحَّة هذه الأخبار، ولم يُتحقَّق من أسانيدها، ونحن لا نتتبَّع هذه القصص عن علمائنا، ويجب أن يعلم أنَّ الفتنة لا تُؤمَن على الحيِّ، وكيف يُختَم له عمله.
وأقول، كان الأولَى به، وهو يَزعم أنه نال درجة علمية، أن يتثبَّت من القصص، ويتأكَّد من كتب التراجم، ألم يفعل هذا حين أعدَّ رسالَته، كما أخبر عن نفسه؟
رحم الله علماءنا جميعًا، وجزاهم الله خيرًا، فقد حفِظ بهم نقل أحكام الدين، وما يتَّصل به، إلَى مَن بعدَهم.
¥